ما من شك أن الحركة الصهيونية قائمة على حلم السيطرة على العالم، ويرفدها في تحقيق هذا الحلم كونها متنفذة في المؤسسات والمنظمات الدولية، وأروقة السياسة لدول عظمى، إضافة إلى الاقتصاد والإعلام العالميين.
ولأن الأسرة هي حلقة الوصل بين الفرد والمجتمع، ولأنها نواة المجتمع، فقد ركز اليهود في عملهم للسيطرة على العالم على هدم الأسرة لإضعاف الدول وتدميرها، ومن يطالع بروتوكولات حكماء صهيون يقرأ قولهم: «سوف ندمر الحياة الأسرية بين الأميين ونفسد أهميتها التربوية».
وعلى الرغم من أن البعض يشككون في نسبة هذه البروتوكولات، فإن الواقع يشهد لأن أكثرها تحقق بالفعل؛ ما يعزز من القول بصحة نسبتها إلى أساطين الصهيونية.
وهناك عدة أدوات اتخذتها الصهيونية لتفكيك وهدم الأسرة، منها:
– إفساد العقيدة:
من أبرز أدوات هدم الأسرة التي تستخدمها الصهيونية، إفساد العقيدة، وهذا الدور يمارسونه منذ قرون طويلة، فهم الذين «أوجدوا بولس الذي نسخ المسيحية وحولها من كونها ديانة توحيد إلى ديانة وثنية، وهم الذين زرعوا في قلب العالم الإسلامي عبدالله بن سبأ الذي قام بدوره بتأسيس المذاهب الباطنية في وسط المجتمع الإسلامي حتى كادت تلك المذاهب أن تزيل العقائد الإلهية من قلوب المسلمين».
من أبرز أدوات هدم مؤسسة الأسرة التي تستخدمها الصهيونية إفساد العقيدة
ومن خلال نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ، وفرويد في علم النفس، ودارون في أصل الأنواع، وغيرها من النظريات الهدامة، ومن خلال نشر العلمانية في العالم، تمكن اليهود من إفساد عقائد الشعوب ونشر الإلحاد.
بهذه الأفكار الضالة المضللة، تغزو الصهيونية الأسرة في قعر بيتها، عن طريق فرض المناهج التعليمية التي تتضمن مثل هذه الأفكار، كالترويج لنظرية دارون في أصل الأنواع واعتبارها نظرية ذات شأن علمي كبير؛ ما بذر الشك في قلوب بعض الأبناء.
كما يتم من خلال صناعة السينما تأصيل فكرة احترام جميع الملل ولو كانت مؤسسة على عبادة الأوثان والأبقار والبشر والشيطان، وكذلك ترويج فكرة حصر الدين في العلاقة الروحية بين الإنسان وربه، فتربى كثير من الأبناء والبنات على فكرة الانفصال بين الدين وواقع الحياة، فمن ثم أدى ذلك إلى تجاوز الضوابط الأخلاقية التي جاء بها الإسلام.
– إعادة تعريف الأسرة:
الأسرة كما هو معلوم مؤسسة اجتماعية بين رجل وامرأة توافرت لديهما الشروط الشرعية للاجتماع، يلتزم كل منهما بما له وما عليه، ويدخل معهما في مفهوم تلك الأسرة ما تثمره تلك العلاقة الشرعية من أولاد وبنات.
أما في أدبيات الأمم المتحدة التي تتنفذ فيها الصهيونية، فهي تتناول الأسرة بأشكال أخرى كحق من حقوق الإنسان بزعمها، معتبرة أن الصورة النمطية للأسرة لا توجد إلا في المجتمعات الإسلامية المتخلفة، وتروج لأن هذه الصورة النمطية للأسرة تقف أمام الحداثة.
وعلى هذا الأساس الذي تتبناه الأمم المتحدة، فإن مفهوم الأسرة يشمل اجتماع ذكر وأنثى في غير زواج، أو اجتماع ذكر وذكر، أو اجتماع أنثى وأنثى.
وتسعى هذه المؤسسات التي تعبث بها الصهيونية، إلى قبول الدول العربية والإسلامية فكرة الجنس خارج إطار الزواج، وذلك من خلال انعقاد مؤتمرات السكان والتنمية، وهي سلسلة مؤتمرات ذات طابع عالمي تعقد في العالم الإسلامي، تعيد صياغة مفهوم الأسرة من جديد، لتقفز خارج الإطار الذي حدد التشريع الرباني ملامحه.
الصهيونية عملت على تعقيد الزواج والدعوة إلى تأخير سن زواج البنات ودفعت بعض الحكومات العربية إلى سن قوانين مصادمة للشريعة تهدم بنيان الأسرة
ومع الأسف الشديد، تأثر المسلمون نسبياً بهذه الأفكار الهدامة، وصارت هذه العلاقات خارج إطار الزواج لها نصيب مخيف في واقعنا.
وعملت الصهيونية في سبيل تحقيق ذلك من خلال عملائها في بلادنا، إلى تعقيد فكرة الزواج والدعوة إلى تأخير سن زواج البنات، والتوجيه من خلال وسائل الإعلام إلى ضرورة الاستمتاع بالحياة بلا ضابط، والتوجيه من خلال الدراما إلى اتخاذ الخليلات والعشيقات، إضافة إلى الترويج لموانع الحمل وتبرير الإجهاض؛ ما أدى إلى ذيوع الانحلال الخلقي.
– تثوير المرأة وتمردها:
لقد عملت الصهيونية على غرس أفكار في عقول المرأة لتصبح معولاً لهدم الأسرة، فمن هذه الأفكار:
انتهاك قوامة الرجل وعدم الاعتراف بها، أو اختزالها تحت دعاوى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل.
ومزاحمة المرأة للرجل في ميادين العمل بحجة إثبات الذات، وترتب على ذلك فقدان المرأة لدورها التربوي تجاه أبنائها.
والدعوة إلى الحرية التي تعني حريتها في اختيار ملبسها وتبرجها وسفورها، أو مصادقة الرجال والاختلاط المحرم؛ ما أدى إلى خلخلة العلاقة بين كثير من الأزواج والزوجات، وكذلك أدى إلى خروج كثير من البنات عن طاعة أوليائهن تحت مظلة الاستقلالية والنضوج.
– العبث بقوانين الأسرة:
دفعت الصهيونية وأعوانها بعض الحكومات الإسلامية والعربية إلى سن قوانين مصادمة للتشريع الإسلامي من شأنها أن تهدم بنيان الأسرة، مثل تقييد تعدد الزوجات بدعوى المحافظة على حقوق المرأة والأبناء، وأوجدوا مشكلة من الفراغ، وهذا بدوره قد أسهم في اتخاذ بعض الرجال عشيقات خارج إطار الزواج؛ ما ينعكس سلباً على استقرار العلاقة بين الزوجين، لكن الإعلام والدراما المغرضة التي جعلت التعدد كارثة مهينة لا ينبغي أن تقبلها المرأة، قد أوصل المرأة في بعض الأحيان إلى قبول فكرة أن يخونها زوجها والتغاضي عن ذلك وتجاهله، مقابل ألا يتزوج عليها.
كما أن هناك قوانين في بعض الدول جرّمت ضرب الأبناء (الذي هو جائز بضوابط وضعها الشرع من باب التأديب) وصاغته تحت بند تجريم العنف والتعذيب، فخلقت حالة من التمرد لدى بعض الأبناء والبنات، وقد وصلت الحال إلى وجود دعاوى قضائية من بعضهم تجاه آبائهم وأمهاتهم باستخدام الضرب تجاههم.
ربما يتهمنا البعض بالوقوع أسارى لنظرية المؤامرة، أو التهويل من شأن الصهيونية، لكن الواقع يشهد لأكثر من ذلك بكثير، فاللوبي الصهيوني في أمريكا مثلاً هو الذي يحرك السياسة الأمريكية تجاه بلادنا وخاصة القضية الفلسطينية، وهناك عدد هائل من المراجع الغربية ومذكرات القادة والزعماء الغربيين يتحدثون بأكثر مما نتحدث عنه من سطوة ونفوذ اليهود ووقوفهم وراء الحروب والانقلابات وتفكيك الدول، فالأمر ليس فيه تهويل من شأنه الصهيونية.