
ترامب سيقوم بتهجير سكان غزة إلى دول عربية..
ترامب سوف يستولي على غزة ويحولها ريفييرا الشرق الأوسط.
ترامب يتوعد المقاومة بالجحيم إذا لم يتم تسليم جميع الأسرى يوم السبت.
ما إن أطلق الرئيس الأمريكي تلك التصريحات الرعناء، حتى أُصيبت الأمة بالهلع، وصار الجميع يضعون تصوراتهم لآثار تنفيذ هذه التهديدات الترامبية، وما يمكن أن تكون عليه الأوضاع بعدها.
تقول العرب: «إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذامُ»، وهي حذام بنت الريان بن خسر بن تميم، امرأة فائقة الذكاء وواسعة الحيلة، قوية في إدراكها وحدسها، كانت إذا قالت بالأمر جاء كما قالت.
تعاملنا مع تهديدات ترامب على أنه «حذام القوة لا الحدس»، فإذا قال الرجل القوي شيئا فإنه سوف يأتي بالضرورة على مراده، بفعل القوة والقدرة، فلسان حالنا: «إذا قال ترامب فصدقوه، فإن القول ما قال ترامب»، وكأن كلامه هو القول الفصل.
نعم إن ترامب يحكم أقوى دولة في العالم، لكن ليس بالضرورة أن كل ما يقوله الأقوياء يصير واقعًا، والدليل ما حدث خلال بضعة أيام من تصريحات ترامب.
فالدول العربية أعلنت رفضها لخطة التهجير وإفراغ غزة من مواطنيها، فتراجع ترامب عن قوله وذكر أنه لو كانت لدى الدول العربية مقترحات أفضل فلا بأس.
وتحول ترامب من التهديد بفتح أبواب الجحيم حال عدم تسليم كافة الأسرى يوم السبت، إلى إعرابه عن أمله بأن تطلق المقاومة سراح عدد من الأسرى الأمريكيين.
ووقت كتابة هذه السطور، تقوم فصائل المقاومة بتنفيذ صفقة تبادل ثلاثة من الأسرى فقط كما حددت من قبل، وليس كما أراد ترامب والاحتلال (جميع الأسرى).
ما الذي تغير بين عشية وضحاها؟
إنه الشيء الذي نحتاجه وننادي بها دائما، الإرادة التي تتحطم على صخرتها التهديدات العنترية التي يراد بها تخويفنا والانجرار طوعًا للإملاءات الخارجية.
الهزيمة النفسية التي تعيشها الأمة تجعلها تعتقد أن الحياة سوف تسير دائما وفق ما خطط له الأقوياء وكأنهم يسيرون حياة البشر وفق ما يريدون.
هذه الدول مهما كان لها من قوة، هي بالنهاية تحركها المصالح، تتقدم وتتأخر وفقا للمصالح، تستأسد وتتألف وفقا للمصالح، تمضي مخططاتها أو تحجم عنها وفق حسابات المصالح، فالولايات المتحدة التي كانت بالأمس تدعم أوكرانيا البوابة الشرقية لأوروبا في الحرب الروسية الأوكرانية، ها هي اليوم تخطو خطوات من التقارب مع الروس، في الوقت الذي تبتز فيه أوكرانيا وتُعكر علاقتها بالاتحاد الأوروبي، تلك هي السياسة القائمة على المصالح، فما علينا فقط سوى إبراز أننا رقم صعب في هذه المعادلة.
الولايات المتحدة تستفيد منا وتحتاجنا وتهاب وحدة كلمتنا، وتدرك جيدا أن لدينا أوراق ضغط، وإن كنا لا نحسن استغلالها، أو بالأحرى ليست لدينا إرادة لاستغلالها.
الإرادة هي التي يتوقف عندها ترامب وغير ترامب، الأسود لا تأكل الأسود، هذا هو منطق الغاب، ولنا في الواقع أمثلة، منها كوريا الشمالية التي تعمل لها الولايات المتحدة ألف حساب، مع أنها ليست من الدول العظمى، لكنها دولة ذات إرادة، وهذا عين ما نحتاجه على وجه الحقيقة لا بالشعارات والادعاءات.
الإرادة التي تُثبّت أقدامنا أمام تهديدات ترامب وغير ترامب، ففي النهاية هو ليس إلها، فللكون رب وإله هو فاعله المطلق، قدّر الأقدار بالمسببات، وما علينا سوى الأخذ بالأسباب، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.