كاينابريس – وكالات
أكد “المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان” أن النساء والأطفال يشكّلون النسبة الأكبر من ضحايا الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، والتي تصاعدت بشكل كارثي بعد انهيار وقف إطلاق النار، مشددًا على أن ما يجري ليس مجرد عدوان عسكري، بل جريمة ممنهجة تمزّق النسيج المجتمعي الفلسطيني وتستهدف الأجيال القادمة.
وأشار المركز، في تقريره الصادر يوم أمس الجمعة، إلى أن جرائم الإبادة الجماعية لم تتوقف خلال الهدنة المؤقتة، بل كانت كامنة تحت غطاء هشّ، تقتل الأرواح ببطء. ومع استئناف الهجوم العسكري الإسرائيلي، تصدّرت النساء والأطفال قائمة الضحايا، لتجد النساء أنفسهن بين قصف يسلب حياتهن أو قصف يفقدهن أطفالهن. فمنذ انهيار وقف إطلاق النار، استشهد 595 طفلًا و308 نساء، لترتفع حصيلة الشهداء منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 18,044 طفلًا و12,402 امرأة.
وأضاف التقرير أن استشهاد النساء نتيجة الهجمات الإسرائيلية لا يُختزل في أرقام، ولا يُعدّ مجرد انتهاك صارخ لحقهن في الحياة فحسب، بل يمثل جريمة مركبة تمزق نسيج الأسرة والمجتمع، وتفضي إلى انتهاك متسلسل لحقوق الأطفال الذين يُتركون يتامى محرومين من الرعاية والاحتواء، ما يتسبب في اضطرابات نفسية واجتماعية طويلة الأمد، تجعلهم من أكثر الفئات هشاشة، وتنذر بظهور جيل مثقل بالصدمات، يحتاج إلى دعم ورعاية شاملة لاستعادة الحد الأدنى من الأمان والاستقرار.
ونوّه المركز إلى أن هذا العدد الكارثي من الضحايا يؤكد أن استهداف الأطفال لم يكن نتيجة “أضرار جانبية”، بل سياسة ممنهجة تهدف إلى إبادة الجيل الفلسطيني القادم. فالأطفال الذين نُزعوا من أحضان أمهاتهم تحت وابل القصف، كانوا ضحايا لعقاب جماعي يستهدف اقتلاع الشعب الفلسطيني بدءً من أطفاله.
وأوضح المركز أن آثار الإبادة في غزة لا تقتصر على الأطفال الذين قُتلوا، بل تمتد لتترك أثرًا نفسيًا بالغًا في حياة الأمهات، حيث تواجه كثير من النساء فقدان أبنائهن وبناتهن في ظروف بالغة القسوة، وسط عجز تام عن حمايتهم أو إنقاذهم أو حتى وداعهم أو الحداد عليهم في أمان.
وأشار التقرير إلى أن بعض الأمهات فقدن جميع أطفالهن، ويضطررن إلى التعامل مع هذا الفقدان دون أي دعم نفسي أو خدمات أساسية تساعدهن على التكيف مع الصدمة. وتخلّف هذه التجارب القاسية آثارًا نفسية طويلة الأمد تنعكس على استقرار الأسرة والمجتمع ككل.
وختم المركز تقريره بالتأكيد على أن ما يشهده العالم من قتل ممنهج للنساء والأطفال في قطاع غزة، في ظل غياب أي تحرك جاد، يمثل جريمة تهزّ أعماق الإنسانية. فكل حياة تُسلب بلا رحمة، وكل براءة تُدمّر بوحشية، تفرغ القيم الإنسانية من مضمونها، وتحوّلها إلى شعارات جوفاء في ظل هذا الصمت المشين.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف فجر 18 مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.
وبدعم أمريكي وأوروبي، ترتكب دولة الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.