لكي لا ننسى.. هكذا تعامل الإعلام الغربي مع الحرب على غزة

إحسان الفقيهمنذ 5 ساعات
إحسان الفقيه

أظهرت الحرب على غزة مدى الانحراف الذي ضرب الإعلام الصهيوني والغربي في التعامل مع القضية الفلسطينية، حيث تضافرت المنابر الإعلامية للكيان الإسرائيلي وحلفائه من الغرب في تبني الرواية الإسرائيلية بشكل فجّ.

تبنت وسائل الإعلام الغربية الروايات الإسرائيلية، بدءًا بأكذوبة قطع المقاومة رؤوس الأطفال الإسرائيليين، وهو ما سارعت بنقله عن الإعلام الإسرائيلي، صحيفتا «ديلي ميل» و«التايمز» البريطانيتان، وكتبت الأخيرة في صدر صفحتها الأولى «حماس تذبح حناجر الرضع».ومرورًا بأكذوبة اغتصاب القاصرات الإسرائيليات، وهو ما تبين للعالم كذبه، وبتبني الرواية الإسرائيلية في اتهام المقاومة بضرب مستشفى المعمداني، وهو ما تبين زيفه أيضا، وانتهاء بمزاعم وجود قيادات حماس والأسرى الإسرائيليين في مستشفى الشفاء، فكان ذريعة للاقتحام الصهيوني للمستشفى، والذي لم يسفر عن اكتشاف أي أثر للأنفاق أو قيادات المقاومة، وإزاء انكشاف زيف هذه الروايات، اضطر الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي تبناها ورددها، إلى التراجع عن الادعاء بأنه شاهد بنفسه أدلة عليها.وبهدف التعمية على حقيقة أن طوفان الأقصى كان حقا مشروعا لصاحب الأرض ضد المحتل الذي أوشك على المرحلة النهائية لتهويد الأقصى، عمل الإعلام الغربي على وصف طوفان الأقصى بأنه هجوم إرهابي غير مبرر، متجاهلا قرابة الثمانين عاما من الاحتلال والاستبداد الصهيوني، بينما صوّر العمليات الإسرائيلية في إبادة قطاع غزة بأنها دفاع عن النفس.

وفي البرامج التي بثتها وسائل الإعلام الغربية، ظهر حرص مقدمي البرامج على إدانة المقاومة، ويلحون على الضيف في الإدانة، بينما لا يطلبون من الجانب الإسرائيلي على القنوات ذاتها إدانة عمليات القتل للمدنيين في غزة.

كل ذلك بهدف خلق صورة ذهنية عن الأحداث في فلسطين مغايرة للواقع، ولصالح العدو الإسرائيلي. كشفت هذه الأحداث عن تضييقات شديدة قام بها الإعلام الغربي ضد كل من يتعاطف مع غزة، فعلى سبيل المثال:

تعرضت النائبة الأمريكية الفلسطينية الأصل رشيدة طليب إلى التشهير من قِبل شبكة سي إن إن، ومواقع يهودية أمريكية أخرى منها موقع «جويش انسايدر»، ونسبوا لها تصريحات لم تقل بها، من ذلك تصريح مكذوب عليها بأن «دانا نيسل» المدعية العامة لولاية ميشيغان تلاحق المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في جامعة ميشيغان لأنها يهودية»، مع أنها لم تقل ذلك.

كما تخلّت صحيفة «الجارديان» البريطانية عن رسام الكاريكاتير الشهير «ستيف بيل» بعد عمله معها لمدة 40 عامًا، بعد رسمه لكاريكاتير اعتبرته الصحيفة مسيئًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو». والأمثلة كثيرة.

عملت القنوات الألمانية الداعمة للاحتلال كذلك على شيطنة الفلسطينيين، خاصة مجموعة «أكسل شبرينغر»، والتي تملك وسائل إعلامية عدة، من بينها محطة «فيلت» التلفزيونية، والتي عنونت لتغطيتها أحداث غزة بـ «حرب إسرائيل ضد الإرهاب»، وهي القناة نفسها التي نشرت في أحد البرامج مزاعم حول صانع المحتوى صالح الجعفراوي، أنه مجرد ممثل يتلاعب بالأحداث استجداء للعواطف.

وفي السياق نفسه، شيطنت صحيفة بيلد الألمانية مظاهرة شارك فيها الآلاف دعما لغزة، فاستبدلت شعار (إسرائيل تقصف وألمانيا تموّل) الذي رفعه المتظاهرون، بعنوان آخر مضلل وهو (اقصفوا إسرائيل) ووضعت كذلك عنوانا جانبيا للخبر يقول: (8500 مشارك في مسيرة كارهة لليهود في برلين) وذلك على الرغم من أن المظاهرة شارك فيها يهود رافضون للعدوان على غزة.

ومن مظاهر الكذب والتضليل والخداع التي ظهرت في تغطية الإعلام الغربي لأحداث غزة لخلق صورة ذهنية مغلوطة عما يحدث في القطاع، الفيديو الذي يظهر مخرج قناة «سي إن إن» الأمريكية يوجه مراسلة القناة في غزة والمصور عبر الهاتف بأن يتظاهرا بأنهما تعرضا لصواريخ حماس، وهذه فضيحة مدوية تضرب ادعاءات نزاهة الإعلام الغربي في الصميم. كما عمدت وسائل إعلام غربية إلى حذف التهديدات العلنية التي أطلقها قادة الاحتلال بإبادة غزة، مثل ما فعلت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية.

ويكفي في بيان تزييف الإعلام الغربي للحقائق وانحيازه للإسرائيليين، أن هناك أكثر من 750 صحفيا من وسائل إعلام غربية، قد وقعوا على خطاب مفتوح يدين قتل الاحتلال للصحفيين في غزة، وينتقد التغطية الإعلامية الغربية المنحازة.

يومًا بعد يوم، يثبت لنا الغرب أن الكيان الإسرائيلي ما هو إلا رأس حربة في المشروع الإمبريالي الغربي في المنطقة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


إحسان الفقيه | كاتبة أردنية، باحثة في التاريخ والعقائد.
اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل