كاينابريس – وكالات
اقترحت بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا، اليوم الثلاثاء، إجراء محادثات لوضع تدابير لبناء الثقة بين الأطراف الليبية، تمهيدا لاستئناف العملية السياسية الهادفة لحل الأزمة المستمرة منذ سنوات في البلد الغني بالنفط.
وقالت القائمة بأعمال رئيس البعثة ستيفاني خوري، خلال إحاطة لمجلس الأمن الدولي: “على مدار الشهرين الماضيين تدهور الوضع في ليبيا بشكل متسارع من حيث الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني”.
وأضافت أن البعثة تعمل على “تيسير خفض التصعيد، وتقترح إجراء محادثات لوضع تدابير لبناء الثقة بين جميع الأطراف لإنهاء الإجراءات أحادية الجانب وخلق بيئة أكثر ملاءمة لاستئناف العملية السياسية”.
ومن بين أهداف التدابير المأمولة “استعادة الثقة في المصرف المركزي، وضمان تنسيق تحركات الجهات العسكرية والأمنية؛ لمنع التعبئة من قبل الأطراف المقابلة وتهدئة مخاوفها”، حسب خوري.
ومنذ شهرين، تتسارع في ليبيا أحداث أمنية وسياسية واقتصادية، إذ انتقلت وحدات عسكرية من قوات شرق ليبيا، بقيادة خليفة حفتر، في 6 غشت إلى مناطق الجنوب الغربي للبلاد.
ودفع هذا التطور الكتائب العسكرية في الغرب إلى التحشيد وإعلان حالة الطوارئ، وسط مخاوف من اندلاع حرب، رغم أن قوات الشرق أعلنت أن انتقالها يهدف لتأمين الحدود و”لن تستهدف أحدا”.
وسياسيا، اتخذ مجلس النواب، في 13 غشت، قرار بحسب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وسحب صفة “القائد الأعلى للجيش” من المجلس الرئاسي.
وبينما رفضت حكومة الدبيبة قرار مجلس النواب، رفض كل من المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) والمجلس الرئاسي قرار النواب بشأن سحب صلاحيات القائد الأعلى للجيش من الرئاسي.
واقتصاديا، أقر مجلس النواب، في 10 يوليوز الماضي، ميزانية عامة موحدة للبلاد بقيمة 179 مليار دينار (نحو 25 مليار دولار)، وهو ما رفضه مجلس الدولة قائلا إن “مجلس النواب لم يتشاور معه في الأمر”.
وضمن الإجراءات، التي وصفتها خوري بالأحادية، قرر المجلس الرئاسي الأحد عزل محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، وهو ما رفضه الكبير ومجلسا النواب والدولة، معتبرين أن الرئاسي “تجاوز صلاحياته”.
وفي ظل تلك التطورات، قالت خوري إن “المضي قدما في عملية سياسية ناجحة سيتطلب جهودا صادقة من جانب القادة والجهات السياسية والأمنية الفاعلة”.
وقالت إنها بدأت “الشهر الماضي جولة على بعض العواصم الإقليمية، لمناقشة مقاربة منسقة لدعم الجهود الليبية والأمم المتحدة”.
وزادت بأن جميع مَن التقتهم أعربوا عن “التزامهم بدعم بعثة الأمم المتحدة في إعدادها لأسس إطلاق هذه المحادثات السياسية الموسعة”.
وإلى جانب عقد محادثات سياسية بشأن تشكيل حكومة موحدة وإجراء الانتخابات، بما يتماشى مع القوانين الليبية الحالية، ستواصل البعثة تفعيل مجموعات العمل الاقتصادية والأمنية وتلك المعنية بالقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، وفق خوري.
وحذرت من أنه “في غياب استئناف محادثات سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة موحدة وتنظيم الانتخابات، فإن الوضع يتجه إلى مزيد من عدم الاستقرار السياسي والمالي والأمني وتكريس الانقسامات السياسية وزيادة عدم الاستقرار المحلي والإقليمي”.
ومنذ مارس 2022 توجد في ليبيا حكومتان، الأولى معترف بها دوليا، وهي حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس وتدير منها غرب البلاد بالكامل.
أما الحكومة الثانية فكلفها مجلس النواب، وهي حكومة أسامة حماد، ومقرها في مدينة بنغازي وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب.
وعمَّق وجود الحكومتين أزمة سياسية يأمل الليبيون حلها عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية طال انتظارها منذ سنوات وتحول دون إجرائها خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.