
لقد نجح دونالد ترامب خلال أيام في أن يشغل ويربك العالم من خلال عشرات القرارات والتصريحات الصادمة، لكن من يتابع أسلوب قرارات وتصريحات ترامب منذ دخل البيت الأبيض يجد أن لديه أسلوباً ومنهجاً فوضوياً يعتمد الصدمة والترويع ومفاجأة الجميع حتى من حوله…
هو يخبط خبط عشواء مقصود في كل شيء معتمداً على أسلوب المقامرة؛ لأن من يدرس سيرة حياة ترامب يجده مقامراً كبيراً، فقد بنى أكبر كازينو قمار في الولايات المتحدة “تاج محل”، وجزء كبير من ثروته كان من القمار
فقد فوجيء نتنياهو بما ذكره ترامب عن غزة حتى أنه أخذ يخفف ويفسر كلام ترامب بأنه لا يقصد الترحيل القسري لأهل غزة وإنما اختيار المغادرة.
لكن في نفس الوقت يلاحظ أنه لا يوجد لدي ترامب فيما يطرحه خطط أو دراسات حقيقية. فحينما طالب الاتحاد الأوروبي بزيادة بنسبة 2% في نفقات الدفاع، ولم يرفضوا ولم يساوموا، رفعها إلى 5%، وحينما طالب السعودية بنصف تريليون دولار فعرضوا 600 مليار رفعها إلى تريليون دولار..
هو يخبط خبط عشواء مقصود في كل شيء معتمداً على أسلوب المقامرة؛ لأن من يدرس سيرة حياة ترامب يجده مقامراً كبيراً، فقد بنى أكبر كازينو قمار في الولايات المتحدة “تاج محل”، وجزء كبير من ثروته كان من القمار، فإذا حصل على موافقة رفع قيمة الطلب أو استفاد منه، وإذا جوبه بالرفض يبقيه على الطاولة للإرباك والبحث عن فرصة أخرى، وإذا واجه معارضة شديدة جدا، يؤجل الطلب مثل رفع الجمارك على منتجات كندا التي أجل تنفيذها لمدة شهر بعدما ردت كندا بالمثل، وهكذا..
إن من يفهم إدارته للفوضى التي حدثت في 6 يناير 2020 حينما دخل أنصاره الكونغرس، ثم كان أول قراراته العفو عنهم يدرك المنهج الفوضوي الذي يقوم على إرباك أمريكا من الداخل وإرباك العالم من الخارج، حتى يفكك كل المؤسسات في الداخل ويربك العالم في الخارج ليبقى وحده صاحب القرار والمرجعية في كل شيء. فإذا نجح قضى على مفهوم الدولة الأمريكية بمؤسساتها ومراكز صناعة القرار بها، فيصبح هو مركز القرار والتشريعات والقوانين وتختزل أمريكا في شخص واحد، ويرجع العالم كله لشخص واحد.
هذا أمر لم يحدث في التاريخ من قبل أن يصبح شخص واحد مرجعية الناس جميعاً؛ لأن هذا ضد سنّة التدافع والمغالبة التي تحفظ توازن الكون. وإذا حدث ما يريده ترامب فمعناه نهاية العالم، لكن نهاية العالم مرتبطة برب الناس وليس بأحد من الناس..