نتنياهو رجل مناور ومخادع وكاذب يستغل من حوله لأهدافه الشخصية حتى لو أدى ذلك إلى إهانتهم
وفي كل فصل يستشهد الكاتب بالكثير مما كتب عن الرجل من الإسرائيليين أنفسهم من ذلك أن نتنياهو، وفي لقاء أجراه معه الصحافي اليميني يعقوب أحيمئير عام 1985، لم تكن إجابات نتنياهو تختلف عما يجيب به اليوم وهو يقدم نفسه للعالم رمزا لــ «الحضارة» التي تحارب «الهمجية» و«الحيوانات البشرية». سأله الصحافي: «هل هنالك حاجة إلى التفاوض مع «العدو»؟ فأجابه نتنياهو: «دعني أسألك: هل كانت هنالك حاجة إلى الحديث مع هتلر؟!
يشير الكاتب إلى أن نتنياهو هو أول رئيس حكومة من خارج جيل المؤسسين في إسرائيل، أي الجيل الذي كان شريكا بصورة أو بأخرى في قيام دولة إسرائيل، وكان أول رئيس حكومة يولد بعد قيام إسرائيل، وأول رئيس حكومة ينتخب حسب طريقة الانتخابات المباشرة (حين اعتمدت قبل خمسة وعشرين عاما قبل التراجع عنها) كما كان نتنياهو السياسي الذي أدخل إلى ثقافة الحقل السياسي الإسرائيلي النمط الأمريكي في الحملات الانتخابية الإسرائيلية.
ويورد الكاتب بعض ما جاء في كتاب الصحافية الإسرائيلية أورلي أزولاي كاتس الصادر عام 1999 بعنوان «الشخص الذي انتصر على ذاته» من أن معارضي نتنياهو، لاسيما داخل حزب الليكود، بدأوا بالتعرف على شخصيته، التي تتمثل في كونه رجلا مناورا ومخادعا وكاذبا، يستغل من حوله لأهدافه الشخصية حتى لو أدى ذلك إلى إهانتهم، تفكيره عميق وذكي جدا، ساحر، ولكن رؤيته قصيرة المدى تحركها أطماعه الشخصية في الحفاظ على كرسيه، واقعه الأساسي هو الإعلام وصورته، أي العالم الافتراضي.
هذا هو نتنياهو نفسه اليوم، وربما أسوأ، لأن لا مانع لديه هذه المرة أن يحافظ على كرسيه من خلال حرب وحشية في قطاع غزة ذهب ضحيتها آلاف الضحايا من النساء والأطفال. والأدهى هو ما يورده الكاتب مهند مصطفى من أن «سلطوية نتنياهو في الحقل السياسي الإسرائيلي تتمثل عبر النظر إلى نفسه بأنه مخلص للشعب اليهودي، وأكثر القيادات والشخصيات الإسرائيلية إدراكا ودراية للتحديات التي تواجه إسرائيل والشعب اليهودي، فهو لا يحكم إسرائيل، بل يضحي من أجلها، والتضحية هي أعلى درجات القداسة، فهو نذر نفسه لخدمة الشعب اليهودي، ومنصبه كرئيس لحكومة إسرائيل هو دور تاريخي ومقدس، ولذلك فإن الهجوم عليه، ومحاولة إنزاله من مرتبة القداسة والتاريخية، هي خيانة للشعب اليهودي، وإنذار للسقوط في الهاوية».
إنه جنون عظمة مرضي يضاف إليه إدمان الكذب والاحتيال حتى أن الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك قال له مرة خلال أحد اللقاءات، وفق ما نقله أحد مستشاريه، إنه لا يصدق كلمة واحدة مما قاله، أما ما وصفه به حليفه وشريكه الرئيس الأمريكي فهو من البذاءة بحيث لا يجوز نشره هنا!!
(*) كاتب وإعلامي تونسي