كاينابريس – متابعات
بحضور عدد من الأساتذة الجامعيين والخبراء الاقتصاديين، نظم نادي ريادة الأعمال بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، ورشة حملت عنوان: «مشروع مقاولتي: من الفكرة إلى التأسيس».
الورشة التي انعقدت يوم الأربعاء 13 نونبر 2024 لفائدة الطلبة، عرفت مشاركة وازنة لعدد من الدكاترة والخبراء، نذكر منهم: دة. لطيفة الهدراتي، أستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، وقد تولت تنسيق وتأطير الورشة؛ ود. محمد برحيل، أستاذ بالمدرسة الوطنية للتجارة والصناعة والتسيير (ENCG) بالدار البيضاء؛ وذ. إبراهيم بولهرجان، مقاول بالرباط؛ وذة. سناء ناجي، عن غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الدار البيضاء- سطات، ملحقة المحمدية؛ وذة. غزلان الشاين، عن دار المقاول التابعة للتجاري وفا بنك بالدار البيضاء؛ والأساتذة الجامعيون: دة. جليلة الصبيحي، أستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية؛ ودة. إحسان بودريك، أستاذة بالمدرسة الوطنية العليا للفن والتصميم (ENSAD) بالمحمدية.
وكان الهدف من هذا اللقاء بحسب المنظمين هو تحسيس الطلاب بأهمية المقاولة، وتشجيعهم على خلق مشاريع، وانتقاء حاملي المشاريع لتأطيرهم، والمرور إلى عملية التأسيس ومواكبتهم في ما بعد.
وافتُتح النشاط بكلمة لمنسقة نادي ريادة الأعمال، الدكتورة لطيفة الهدراتي، حيث أكدت في كلمتها على ضرورة توفير تكوين يتلاءم مع سوق الشغل، وتشجيع الشباب على خلق مقاولات، انسجاما مع ما دعا إليه عاهل البلاد الملك محمد السادس، وأكد عليه في خطاباته في محطات مختلفة، ومن ذلك ما جاء في الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش في 30 يوليوز 2015، حيث أعطى فيه الملك توجيهات صارمة وواضحة بضرورة إصلاح التعليم، وتمكين الشباب من مهارات تخول لهم فرص الإدماج في سوق الشغل.
وفي خطابه الذي ألقاه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2018، أكد الملك محمد السادس على أهمية التكوين في المقاولة، والذي اعتبره من بين الأولويات الأساسية للتصدي لمشكل البطالة بإنشاء مقاولات. كما دعا ملك البلاد إلى إعادة النظر في منهجية التكوين داخل بعض الشعب في الجامعات، الذي لا يمكن الشباب من الاندماج في سوق الشغل. كما أوصى بضرورة إعطاء الأولوية للتخصصات التي تتلاءم مع حاجيات سوق الشغل، وتحفيز الشباب على خلق المقاولات الصغرى والمتوسطة، و”إدماج جزء من القطاع غير المهيكل في القطاع المنظم”.
وأما في خطابه السامي في ذكرى ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 2019، فأكد مللك البلاد، في إطار البرنامج الوطني للحد من الفوارق بالعالم القروي، على الأهمية التي تلعبها المقاولات في التنمية، وعلى ضرورة دعم العالم القروي خاصة في قطاعات الفلاحة والسياحة القروية والصناعة المحلية والحرف التقليدية والصناعة الغذائية، وكل المشاريع التي لها علاقة بالفلاحة والتجارة، وكذا تشجيع التشغيل الذاتي. وأشار العاهل المغربي إلى مراهنته على “توفير كفاءات وطنية” في السياحة والخدمات، وصناعة السيارات والطائرات، وفي ميدان التكنولوجيا، وأكد على “ضرورة مواكبة التطورات العالمية في مختلف المجالات”.
وارتكز محور هذه الورشة على مشروع المقاول، من الفكرة إلى التأسيس، حيث أشارت دة. الهدراتي إلى ضرورة توفر ثلاثة عناصر مهمة لينجح المقاول في مشروعه، وهي كالتالي: المعرفة، والمهارات، والخصائص كالصدق، والصرامة، والانضباط؛ وأوضحت تداخل هذه العناصر في ما بينها، إذ لا يمكن حذف أي عنصر منها. فلا بد للمقبلين على إنشاء مقاولات أن يخوضوا تكوينا مكثفا، يستغرق 3 أو 6 أشهر أو سنة، على أن يحصلوا في ختامه على شهادة معترف بها لمزاولة نشاطه.
وأضافت الدكتورة أن المقاول لا يمكنه الاعتماد فقط على التكوين، إذ يجب عليه أن يحصل على تجربة في الميدان الذي يريد أن يزاول فيه نشاطه لكي يعمل على إنجاح مشروعه، كمعرفة السوق، والزبناء، والمنافسين، والممونين، وكيفية تدبير المخاطر… إلخ. كما يتوجب عليه أن يتقن استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة.
ووجب عليه أن يربط علاقات مع مقاولين آخرين سواء في نفس القطاع الذي ينتمي إليه أو في قطاعات أخرى، وأن تكون له علاقات مع الفاعلين في الميدان الذين لهم اهتمام وإلمام مباشر بمجال المقاولات.
ويتعين على المقاول أن يبحث لإيجاد حلول للمشاكل التي قد تعترضه، وأن يتميز بحب الاطّلاع والبحث عن المعلومة بشتى الوسائل، كالكتب، والأنترنت، وكذا طرق أبواب المؤسسات المعنية، أو الاستعانة بأشخاص ذوي خبرة بطبيعة عمل مقاولته.
ويجب أن يفهم ظروف البيئة المحيطة، سواء على مستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو السيكولوجي، والاطلاع أيضا على نسبة النمو والتحولات التي يعرفها القطاع الذي ينشط فيه على المستويين الوطني والدولي، لأن ذلك من شأنه أن يساعده على التجديد والابتكار وتجاوز التحديات.
فلخلق مقاولة لا يحتاج الشخص إلى مستوى دراسي عالٍ، ولا يتطلب منه الأمر بالضرورة أن يكون غنيا، بقدر ما ينبغي أن يتوفر عليه من المعرفة والمهارات والخصائص التي تساعده على النجاح في مهامه، مع قدر لا بأس به من رأس المال.
فالمقاولة حاليا عرفت تحولات وتطورات ملموسة في ظل تطور التكنولوجيا، إذ يشهد القطاع بزوغ المقاولة الرقمية، حيث يمكن للمقاول أن يؤسس مقاولة في بيته وهي أقل كلفة بالمقارنة مع المقاولة الكلاسيكية، خاصة على مستوى اللوجيستيك، لكن لها قوانين خاصة بها وتختلف شيئا ما عن المقاولة الكلاسيكية.
من جانبه، أشار الأستاذ إبراهيم بولهرجان في مداخلته إلى خمس نقاط أساسية يتعين على المقاول التركيز عليها، وهي الفكرة، وخطة العمل، والإجراءات والترتيبات الإدارية، والجوانب القانونية، وما يتعلق برأس المال.
كما تحدث بولهرجان عن مجموعة من القيم والمواصفات التي ينبغي للمقاول أن يتحلى بها، مثل الصبر والجرأة وحسن التدبير، ونبه إلى ضرورة الحرص على عدم الإقدام على خطوات غير محسوبة، كما شدد على أهمية التجربة الميدانية ودورها المحوري في إنجاح المقاولة، باعتبارها عاملا واقعيا يرتبط بالتطبيق إذ لا يكفي تحصيل المعرفة النظرية.
أما الأستاذة سناء ناجي فتناولت في مداخلتها كل ما يتعلق بمرحلة تأسيس الشركة/ المقاولة، وما يواكبها من محطات يمر منها صاحب المشروع، بداية من بلورة فكرة مجال نشاط المقاولة، مرورا بالمتطلبات العملية لخوض التجربة والاندماج في السوق، مع ما يستدعيه ذلك من فهم للسوق بناء على دراسة ورصد، وتنزيل جيد للعناصر المعرفية التي استفادها المقاول من التكوين القبلي.
وأوضحت ناجي كذلك مجموعة من المعلومات المهمة المرتبطة بالإجراءات القانونية والتنظيمية لإنشاء الشركة أو المقاولة، مع تفصيل مختلف المراحل وبيان الحلول للإشكالات التي قد تُطرح.
وركز كل من الدكتور محمد برحيل والأستاذة غزلان الشاين في مداخلتيهما على أهمية التكنولوجيا الحديثة ووسائلها المختلفة في مساعدة المقاولين الشباب وحاملي أفكار المشاريع على إنشاء وإنجاح مقاولاتهم، حيث وجب عليهم الاستفادة مما تتيحه شبكة الأنترنت من معلومات وأدوات تقنية كمحركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما من شأنه أن يحرق الكثير من المراحل التي كانت في السابق تستهلك الكثير من الجهد المادي والنفسي، وتثقل كاهل الشباب المقبلين على إنشاء مقاولات في مختلف المجالات.
من جانبها، دعت الدكتورة جليلة الصبيحي في مداخلتها الجهات الوصية على قطاع التعليم العالي إلى ضرورة الالتفات إلى فئة الأساتذة الجامعيين المتخصصين في تدريس المواد المتعلقة بالمقاولة، باعتبارهم أقلية داخل الكليات، مع التنويه بدورهم المهم في تكوين الطلبة الحاملين لأفكار مشاريع؛ كما وجهت دعوة إلى كبار المقاولين وأصحاب الشركات ليهتموا بالشباب المقبلين على إنشاء مقاولات، وإفادتهم بتجاربهم وخبراتهم، ولم لا أيضا تخصيص منح لدعمهم.
وتطرقت الدكتورة إحسان بودريك، وهي متخصصة في المجال السمعي البصري، إلى أهمية استثمار المنصات الرقمية، ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي، في تأسيس مقاولات رقمية، باعتبارها وسائل إلكترونية متاحة وغير مكلفة مقارنة بالأنماط التقليدية للشركات والمقاولات وما تتطلب من إجراءات وتكاليف، وقدمت بعض الأمثلة والنماذج لشباب أنشأوا منصات رقمية لتقديم خدمات وتدريس علوم ومعارف في مجالات مختلفة، واستطاعوا تحصيل عائد مالي جيد.
وشهد اللقاء حضورا لعدد من الطلبة المهتمين والدارسين لمادة المقاولات، وقد عبّروا في ختام الفعالية عن استحسانهم لما جاء في العروض القيمة التي قدمها الأساتذة والخبراء المنظمون لهذه الورشة.