شعب اليا يا ينتصر على شعب الوي وي في المغرب

د. حامد الإدريسي

المستقبل المغربي يشهد تحولا كبيرا في بنيته الهوياتية، فبعد اكتساح دام عقودا لشعب “الوي وي موسيوه”، ظهر شعب “اليا يا مان”، وكل من الشعبين يمثل هوية مختلفة، وطريقة تفكير مختلفة، وبالطبع لغة مختلفة…

ركبت اليوم قطار البراق، ففوجئت كما فوجئ كثير من المغاربة، باستبعاد لغة الغيجو غيجو الفرنسية، واستبدالها بالهاو هاو اﻹنجليزية، في ظاهرة تعلن بداية مرحلة جديدة، وتهيئ للمغاربة فرصة مختلفة لدخول العالم من بابه اﻷوسع، وتحررهم لأول مرة من عقدة “الفيرب إيطر” و”الفيرب أفوار”، والتصريفات المضطربة التي لا يزمها خطام ولا يمسكها لجام، والتي أمضى المغربي جزءا كبيرا من جهده التعليمي وصرف المغرب جزءا كبيرا من ميزانيته التعليمية، من أجل فك طلاسمها، وإتقان تصريفاتها، التي لا يتقنها حتى الفرنسي نفسه.

صحيح أننا نملك اللغة اﻷكمل مما تكلم به بنو آدم منذ أن علم الله آدم الأسماء كلها، لكن حين فُرض علينا بقوة السلاح الاستعماري والاقتصادي أن نقطع ألسنة أطفالنا العربية منذ الصغر لنستبدلها بلغة أعجمية ركيكة لا تستقيم قواعدها على صراط، ولا يعتدل نظامها على قسطاط، كان على اﻷقل علينا حين استبدلنا هذا اللسان العربي المبين أن نأخذ مقابله لغة أعجمية هي الأولى في العالم، تفتح لأبناءنا باب العلم والتجارة على مصراعيه، خير لغة لا تستخدمها إلا في بوركينا فاسو والسنغال وبعض دول أوروبا.

إن ترتيب اللغة العربية في الاستخدام العالمي: الرابعة، وترتيب الفرنسية: العاشرة، فعلام نعذب أطفالنا في لغة تنقطع بك بمجرد أن يشتغل محرك الطائرة، ولا تستطيع أن تنال بها حتى شربة ماء من يد المضيفة، فتضطر إلى لغة اﻹشارة، وأنت حاصل على عشرين في اللغة الفرنسية، ألا تعلم أن الفرنسي نفسه حين يغادر بلاده يترك الفرنسية وراءه ظهريا؟ ويلوك لسانه بالإنجليزية قسريا؟

ولأن اللغة لا تأتيك إلا في قالب متكامل من الثقافات واﻷخلاق والمعايير وأساليب التفكير، فإن مستقبل المغرب مع شعب اليا يا مان، أفضل بكثير من شعب الوي وي موسيوه، فشعب اليا يا أرحب صدورا وأبعد عن التعقيد، كابتعاد اﻹنجليزية في بساطتها عن الفرنسية، وكابتعاد الطبع اﻷمريكي “الواسع القشابة”، عن الشعب الفرنسي المليء بالعقد.

لقد أصبح مستقبل شعب الوي وي في المغرب أشد تعقيدا من تصريفات الفعل المستقبل في اللغة الفرنسية، خصوصا أن الحصول على الشهادة الثانوية في المغرب متاح بخيار اﻹنجليزية، فعلام نضيع أعمارنا…؟


د. حامد الإدريسي | كاتب ومستشار أسري
اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل