عُقدت أول جلسة إجرائية متعلقة بمحاكمة الرئيس السابق دونالد ترامب و18 متهما آخر في قضية محاولة قلب نتائج انتخابات ولاية جورجيا عام 2020، برئاسة سكوت مكافي قاضي المحكمة العليا في مقاطعة فولتون بجورجيا.
ويواجه الرئيس الأميركي السابق، الذي يبلغ من العمر (77 عاما)، عقوبة سجن قد تصل لمدة 20 عاما، إذا أُدين بالتهم الموجهة إليه، وقد سبق أن احتجز لفترة وجيزة يوم 25 أغسطس/آب الجاري في سجن فولتون، حيث تم تصويره ورفع بصماته، وأُفرج عنه بعد دفع كفالة مالية قدرت بـ200 ألف دولار.
وتقول لائحة الاتهام المكونة من 98 صفحة، والتي صدرت يوم 14 أغسطس/آب الجاري، إن ترامب والمتهمين الآخرين “تآمروا بشكل غير قانوني” لتغيير نتيجة الانتخابات أثناء مشاركتهم في “مشروع إجرامي”، وتشمل التهم الأخرى ادعاءات كاذبة بتزوير الانتخابات وانتهاك القسم، في المقابل يدفع ترامب والمتهمون الآخرون ببراءتهم الكاملة من التهم الموجهة إليهم.
ووسط تساؤلات عن موعد بدء المحاكمة، قال القاضي مكافي إن “الخطة هي محاولة حل أكبر عدد ممكن من هذه القضايا هذا الأسبوع والبدء في جدولة أوامر للمتهمين المتبقين، إما بحلول نهاية هذا الأسبوع أو أوائل الأسبوع المقبل”.
وسيتمكن الأميركيون للمرة الأولى من رؤية ترامب بشكل فعلي في المحكمة، إذ لم يُسمح -حتى الآن- باستخدام كاميرات الفيديو خلال جلسات توجيه اتهامات له في كل من نيويورك وواشنطن وميامي، لأن قاعات المحاكم الفدرالية ومحاكم ولاية نيويورك لا تسمح عادة بتسجيلات الفيديو والميكروفون، لكن ولاية جورجيا تسمح بذلك.
صعوبات إجرائية
دخلت قضية التدخل في انتخابات ولاية جورجيا أكثر فتراتها تعقيدا مع تضارب الاستراتيجيات القانونية للمتهمين الـ18 إلى جانب ترامب، وسط إجماع من الخبراء القانونيين على صعوبة تتبع وملاحقة تطورات المحاكمة.
وتداخلت عوامل عديدة ومتشابكة في تشكيل طبيعة هذه المحاكمة الهامة، التي قد ينتج عنها وجود عدة محاكمات منفصلة في مستويات تقاضي مختلفة، وتوقيتات متناقضة.
بيد أن طلبات الفرق القانونية للمتهمين، والتي تناقضت كثيرا مع بعضها بعضا، تركت الكثير من الخبراء والمتابعين في حالة ترقب لما ستسفر عنه هذه الطلبات على مسار القضية الأهم التي يواجهها الرئيس السابق والمرشح لانتخابات 2024.
واعتبر الخبير القانوني داني سيفالوس أن “ما ينتظرنا في هذه المحاكمة هو الفوضى ومزيد من الفوضى”.
وقال سيفالوس إن “هناك عدة مواعيد لا يعرفها أحد بعد لبدء المحاكمات، فبعض المتهمين يريدون فصل أنفسهم في قضايا مستقلة بعيدا عن بقية المتهمين، وهناك من يريد أن تنتقل قضيته إلى المحكمة الفدرالية بدلا من محكمة الولاية، وبالطبع ستكون هناك قواعد وترتيبات إجرائية مختلفة من محكمة لأخرى، وسيؤدي ذلك بالضرورة إلى فوضى إجرائية بحيث يصعب تتبعها بسهولة”.
مطالب المتهمين
وطالب عدد من المتهمين، ومنهم محامي ترامب السابق كينيث تشيسيبرو، ومحامية حملة ترامب في انتخابات 2020 سيدني باول، بفصل قضاياهما عن بقية المتهمين الآخرين، على أمل الحصول على محاكمة أسرع.
ويرى هؤلاء المتهمون أن مواجهة المحاكمة بشكل فردي قد تزيد من فرص براءتهم في النهاية، كما يؤمن الفريق القانوي المدافع عنهم أن فصل قضاياهما سيحررهم من الضغط الشعبي والإعلامي على هيئة المحلفين وعلى القاضي كذلك.
وطالب المتهمان ببدء محاكمتهما في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في المقابل يعارض ترامب والعديد من المتهمين معه هذا الجدول الزمني السريع.
ويؤكد الخبير القانوني داني سيفالوس أن من يتطلعون لمحاكمة سريعة “واهمون”، مضيفا “عليكم أن تتذكروا أن خطوة اختيار هيئة المحلفين في هذا النوع من القضايا قد تستغرق شهورا طويلة، وربما فترات أطول”.
بدوره، طلب مارك ميدور، كبير موظفي البيت الأبيض في عهد ترامب، من قاضي المحكمة السماح له بتغيير المحكمة، في محاولة لإسقاط التهم لأسباب تتعلق بالحصانة، وبحجة أن الإجراءات التي اتخذتها محكمة ولاية جورجيا قد لا يعتد بها في المحكمة الفدرالية.
ويخشى فريق ترامب القانوني تحول بعض المتهمين إلى شاهدي إثبات في إطار “صفقات مع المحكمة”، الأمر الذي قد يؤدي لتبرئتهم على حساب إدانة ترامب.
فرصة عفو ضئيلة
طرح ترامب فكرة العفو عن نفسه قبل مغادرة البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2021، وأشار البعض إلى أنه قد يحاول القيام بذلك في القضايا الجنائية المرفوعة ضده إذا تم انتخابه رئيسا في 2024.
لكن خبراء يقولون إن ذلك سيكون أصعب كثيرا في ولاية جورجيا، إذ يمكن للرؤساء فقط إصدار عفو عن الجرائم الفدرالية، بينما يواجه ترامب اتهامات في هذه القضية من ولاية جورجيا نفسها، وليس من الحكومة الفدرالية.
ولن يتمكن ترامب من مطالبة حاكم ولاية جورجيا بالعفو عنه، لأنه على عكس العديد من الولايات الأخرى، لا يُسمح لحاكمها بإصدار قرارات العفو.
وبدلا من ذلك، فإن “مجلس ولاية جورجيا للعفو والإفراج المشروط” هو الجهة التي تملك حق إصدار العفو، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بعد 5 سنوات من انتهاء عقوبة الشخص المدان.
(نقلا عن الجزيرة نت)