يواصل المغرب جهوده لتنويع مصادر التسلح، في ما بدأ خطة طموحة لتعزيز قدرات قواته الدفاعية في منطقة تتسم باضطرابات مستمرة مع تنامي التحديات الأمنية، وتمدد التنظيمات المسلحة في الساحل الإفريقي، وفي الوقت الذي يطمح فيه للتحول إلى قوة عسكرية وازنة إقليميا في مواجهة استمرار الجارة الشرقية (الجزائر) في سياسة تسلح ضخم.
ويتحرك المغرب على مسارين، أحدهما ركز على إرساء دبلوماسية فاعلة في حل الأزمات والتعاطي معها بواقعية وهدوء، وآخر يستهدف بناء قوة عسكرية دفاعية وهجومية قوية لتحصين أمنه القومي، في مقاربة تسلط الضوء على سياسة متوازنة أرسى دعائمها العاهل المغربي محمد السادس منذ اعتلائه العرش في 1999.
فبعد اقتناء المغرب لـ19 وحدة من طائرة بيرقدار TB2 من شركة “بايكار” التركية في عام 2021، يجري المغرب حاليا مفاوضات لاقتناء الطائرة المسيّرة الهجومية “أقينجي”، المصنوعة من قبل الشركة ذاتها، وفق ما ذكرت مصادر متعددة.
وتعد “أقينجي” طائرة بدون طيار مخصصة للقتال على ارتفاعات عالية، وتعمل لساعات طويلة، وهي مجهزة بتقنيات الذكاء الصناعي المزدوجة، وقادرة على تنفيذ مهام هجومية جوية-أرضية، وجوية-جوية بشكل مماثل للطائرات القتالية. وتزن هذه الطائرة 4.5 طن، وهي قادرة على حمل حمولة تصل إلى 1500 كيلوغرام، منها 400 كيلوغرام داخليا، و950 كيلوغرام حمولة خارجية، مع هيكل مزود بمحركين اثنين.
وعلى غرار طائرة بيرقدار تي بي2، فإن أقينجي التي تهدف إلى أن تكون رائدة في فئتها، ستؤدي أيضا بعض المهام التي تؤديها الطائرات المقاتلة، وتحتوي أيضا على حجرة الدعم الإلكترونية بشكل أكثر تقدما مثل أنظمة الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، ورادارات جو-جو، ورادار كشف العوائق، ورادار الفتحة الاصطناعية.
وجرى تصميم طائرة أقينجي للرحلات الجوية لمسافات طويلة على ارتفاعات عالية، ويقال أيضا إنها أكثر ذكاء وأكثر وعيا بالظروف البيئية، وذلك بفضل نظام الذكاء الصناعي الفريد الخاص على متنها.
وأجرت المملكة المغربية عدة مناورات عسكرية بحرية وبرية، ومنها مناورات “الأسد الإفريقي 2022” في نسختها الثامنة عشر في يونيو/حزيران الماضي، وهي الأكبر من نوعها في القارة الإفريقية مع تدريبات في مناطق متفرقة من البلاد، ومنطقة المحبس في الصحراء، أقرب نقطة إلى مخيمات تندوف في الأراضي الجزائرية، حيث معقل جبهة “بوليساريو” الانفصالية.
وبلغت ميزانية تلك المناورات 36 مليون دولار، وشاركت فيها الولايات المتحدة ودول أخرى، منها فرنسا والبرازيل وإيطاليا وهولندا وبريطانيا وتونس وغانا، ودول أخرى و7500 جندي من 18 دولة، بينما حضر ممثلون عن 30 دولة كمراقبين.
وتواصل القوات الملكية الجوية تطوير ترسانتها الحربية من خلال تطوير أسطول طائرات F16 بإحدى الورش الأمريكية، حيث يتم تعزيز قدرات المقاتلة وتزويدها بأحدث الأنظمة التكنولوجية حتى تستجيب لحاجيات الجيش المغربي، وخاصة في ما يتعلق بنظام حرب إلكترونية جديد على الطائرة.
ووقعت الرباط وواشنطن في أكتوبر/تشرين الأول 2020 اتفاقا عسكريا يسري لعقد من الزمن، يتضمن خريطة طريق تتعلق بمجال الدفاع العسكري بين البلدين، بهدف تعزيز التعاون العسكري ضد التهديدات المشتركة، كما تضمن الاتفاق تعهد واشنطن بمساعدة المغرب على تحديث وتطوير قطاعه العسكري، حسب وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
ويتجه المغرب، إضافة إلى خطط تأهيل الصقور المقاتلة ومروحيات الهجوم الأساسية في الجيش الأميركي، نحو إنشاء ورش صناعة الطائرات المسيرة، وتأهيل طائرات “كنادير” المتخصصة في إطفاء الحرائق.