أول قاضية في الإسلام!

د. حامد الإدريسي

كاينابريس – د. حامد الإدريسي(*)

من أعجب حوادث استرجال المرأة ومحاولتها أن تحظى بأدوار الرجل، ما حصل من الجارية الرومية شَغَب، والتي عشقها الخليفة المعتضد وأنجب منها ابنه المقتدر والذي تولى الخلافة وهو ابن 13 سنة، فصارت شَغَب هي الآمرة الناهية في شؤون الدولة العباسية، وصارت تعزل وتولي، حتى إن أحد الوزراء كان نائما حين جاءته جاريتها تستدعيه، فلم يوقظه الخدم، فوجد نفسه محبوسا معزولا، وهكذا عزل الكثير من الوزراء من بينهم الوزير ابن الفرات، وهو من أنبل وزراء الدولة العباسية.

وقد بلغ من استرجالها أن عينت قهرمانتها (جاريتها) المدعوة “ثَمَل” في منصب قضاء المظالم في بغداد على رؤوس الأشهاد.

يقول المؤرخ عريب القرطبي عن تلك الحادثة التي وقعت سنة 306هـ: “في هذه السنة، أمرت السيدة أم المقتدر قهرمانة لها، تُعرف بثَمَل، أن تجلس بالرُّصافة (في بغداد) للمظالم، وتنظر في كُتب (شكاوى) الناس يوما في كُل جُمعة، فأنكر الناسُ ذلك، واستبشعوه، وكثُر عيبهم له والطعن فيه، وجلست أول يوم، فلم يكن لها فيه طائل، ثم جلست في اليوم الثاني، وأحضَرت القاضي أبا الحسن، فحسُن أمرها وأصلَح عليها، وخرجَت التوقيعات على سداد، فانتفع بذلك المظلومون، وسكَن الناس إلى ما كانوا نافروه من قعودها ونظرها”.

لقد كانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ المسلمين التي تصل فيها المرأة إلى أن تجلس إلى القضاء، وكانت المرة الأخيرة كذلك، وحتى في هذه المرة لم تستطع أن تجلس إلا ورجل إلى جنبها.

لذلك فإن أول امرأة تم تعيينها في منصب القضاء في تاريخ الإسلام فيما أعلم هي السودانية إحسان فخري سنة 1965، والذي كان زوجها مستشارا في ديوان النائب العام.

وحين قابل وزير الخارجية السوري وزير الخارجية السوداني في أحد اجتماعات القمة العربية وأخبره أنهم عينوا قاضية، قال: تلك إذن قاضية.


(*) كاتب ومستشار أسري

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل