كاينابريس – أ.ف.ب
لا راحة حتى للموتى في قطاع غزة: قبور جماعية وعمليات دفن على عجل، وقوات إسرائيلية تقوم بنبش القبور، بينما يدفن عدد من القتلى في ساحات مستشفيات ومدارس.
في حي التفاح في مدينة غزة، شاهد مصور لوكالة فرانس برس قوات إسرائيلية تنبش قبرا. وألقيت جثث ورفات ملفوفة بالأكفان إلى جانبه فوق أرض موحلة.
وتقول وزارة الشؤون الدينية في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس إن الجيش الإسرائيلي “هدم ودمر أو خرب أكثر من ألفي قبر في عشرين مقبرة رسمية وعشوائية وبداخل المستشفيات” خلال عملياته في القطاع.
ولم يردّ الجيش الإسرائيلي على سؤال لوكالة فرانس برس حول استخدام الجرافات لنبش القبور.
لكنه قال في بيان إنه يتصرف “في أماكن محددة، حيث تشير المعلومات إلى احتمال العثور على جثث رهائن”.
وأضاف أن “الجثث التي يتم تحديد أنها لا تعود للرهائن تعاد بكرامة واحترام”.
اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر بعد هجوم غير مسبوق نفذته الحركة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة، وأسفر عن مقتل 1140 شخصا، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية.
وترد إسرائيل على أسوأ هجوم في تاريخها بحملة جوية وبرية على غزة، وتعهدت القضاء على حركة حماس. وأسفرت حملتها عن 26637 قتيلا، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.
“أرواحهم ترتجف”
تقول سائدة جابر (43 عاما) التي نزحت من مخيم جباليا شمال القطاع إلى مدرسة في دير البلح وسط القطاع كيف شاهدت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد لمقبرة جباليا بعد تجريفها.
وتقول لفرانس برس “شعرت أن قلبي سيقف. والدي وجدتي وجدي دفنوا هناك في المقبرة وكثير من أفراد عائلتنا ومعارفنا”.
وأضافت “شعرت أن أرواحهم ارتجفت، لا يمكنني تخيل كيف يجرؤ أحد على نبش القبور وانتهاك حرمة الأموات”.
ويحث الدين الإسلامي على دفن المتوفين بأسرع وقت ممكن.
في مدرسة باتت مركز إيواء في مخيم المغازي وسط القطاع، لجأ النازحون إلى حفر قبور في ساحة المدرسة.
وقالت سيدة بتأثر “ابنتي (…) شهيدة ماتت بين ذراعي. ليلا نهارا لم يكن هناك إسعاف لأخذها” إلى غرفة الطوارئ.
وأوضحت لوكالة فرانس برس أن المدرسة تعرضت لقصف بالصواريخ ما أدى إلى انفجار عبوات غاز.
وأشار رجل يعتني بالموقع أنه تم دفن أكثر من 50 شخصا، مع وجود بين ثلاث وأربع جثث في كل قبر. وكُتبت الأسماء إما على الطوب أو على الجدار المجاور.
وأدى الارتفاع الكبير لأعداد القتلى في هذه الحرب إلى وجود مقابر جماعية في مختلف أنحاء القطاع.
واضطر كثيرون لدفن الجثث في ساحة مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة. وقام كثيرون بفصل القبور بالحجارة وأغصان النباتات.
ومن بينهم عرفة دادر (46 عاما) الذي قتل نجله محمد 22 عاما عندما كان عائدا إلى المستشفى قبل عدة أسابيع.
وقال إنه دفن ابنه في حديقة المستشفى الخلفية مقابل قسم ثلاجة الموتى، موضحا “لو ذهبنا للمقبرة قد يقومون بقصفنا ونموت”.
وأضاف “وضعت علامة على القبر، الآن الحديقة مزدحمة بقبور جماعية، بالكاد أتعرف على قبر ابني”.
ويأمل الكثير من سكان غزة عند انتهاء الحرب التمكن من نقل رفات أقاربهم لدفنهم في مقابر أخرى.
ويقول مدير مكتب قناة الجزيرة في غزة وائل الدحدوح لوكالة فرانس برس إنه اضطر لدفن نجله في مقبرة جنوب رفح بعد مقتل الصحافي الشاب في غارة إسرائيلية.
وأوضح “سننقله الى مقبرة الشهداء في غزة بعد انتهاء الحرب، نريد أن يكون قبره قريبا لنتمكن من زياته والدعاء له”.
وفي دير البلح، تؤكد سائدة جابر أنها ستعود إلى جباليا لتفقد قبور عائلتها.
وأضافت “سأموت من القهر لو كانت جُرفت أيضا”.