أوروبا تمول حرب أوكرانيا ومزارعوها يدفعون الثمن

كاينابريس5 فبراير 2024
أوروبا تمول حرب أوكرانيا ومزارعوها يدفعون الثمن

كاينابريس – متابعات

من إيطاليا إلى فرنسا ثم ألمانيا وصولا إلى بولندا وهولندا وبلجيكا، تتصاعد احتجاجات المزارعين في عديد بلدان القارة الأوروبية، للمطالبة بتنفيذ بنود يقولون إنها حقوق مالية ومعيشية، ووقف سياسة الإغراق بالمنتجات الأوكرانية الرخيصة.



مظاهرات شارك فيها مئات آلاف المزارعين من أكثر من شهر، بدأت تتخذ أشكالا إعاقة الحياة الطبيعية في مراكز المدن، مثل باريس وبرلين، وبروكسل، مثل تأخير حركة المرور وعرقلة التواصل بين المدن الرئيسة.

وتتشابه مطالب المزارعين في غالبية هذه البلدان، أبرزها، دعوة الحكومة لمساعدتهم تحسين أوضاعهم المعيشية، وتنفيذ إعفاءات ضريبية على المحاصيل المحلية، وفرض ضرائب على المحاصيل المستوردة.

وكانت السلع الزراعية القادمة من أوكرانيا، إحدى أبرز أسباب نزول المزارعين إلى الشوارع، إذ أدت الواردات رخيصة الثمن إلى إغراق أسواق التكتل على حساب المنتج المحلي.

كذلك، تأتي الاحتجاجات لمطالبة الاتحاد الأوروبي عن التراجع عن بعض السياسات البيئية، والتي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية الصادرة عن القطاع الزراعي والثروة الحيوانية.

وتوجد ثلاثة عوامل رئيسة أذكت الاحتجاجات في فرنسا واتسعت في عدة بلدان أوروبية، تتمثل في:

أولاً، البيروقراطية المرهقة للاتحاد الأوروبي، في ملف الاستيراد والتصدير، واستخدام المبيدات الزراعية، وثانيا ارتفاع أسعار الديزل، وتعليق دعمه من جانب بعض الحكومات، لتحقيق أهداف مناخية.

وثالثاً، يطالب العمال بالمزيد من الدعم لتحسين الدخل، وسط استمرار تضخم أسعار المستهلك مرتفعا في عديد الاقتصادات، دون أن يرافق ذلك خفض في الضرائب أو زيادة حقيقية في الأجور.

فرنسا

منذ أكثر من شهر، يحتج عشرات آلاف المزارعين الفلسطينيين في العاصمة باريس وأمام المباني الحكومية، بسبب إغراق السوق المحلية بالمنتجات الزراعية المستوردة، والتوجه إلى تخفض الدعم الموجه للمزارعين.

وأعلنت الحكومة الفرنسية عن خطط لخفض دعم موجهة للمزارعين، وإلغاء امتيازات أخرى أبرزها فرض ضريبة على استهلاك المزارعين من الديزل ضمن خطط خضراء تتجه باريس إلى تنفيذها.

والخميس الماضي، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال عن سلسلة من التنازلات، بما في ذلك اتفاق على عدم استيراد المنتجات الزراعية التي تستخدم المبيدات الحشرية المحظورة في الاتحاد الأوروبي.

كما أعلن “أتال” عن إعانات مالية جديدة وإعفاءات الضريبية؛ ما دعا نقابات المزارعين إلى دعوة أعضائها، السبت، لتعليق الاحتجاجات، كبادرة حسن نية من جانبهم حتى تنفيذ التنازلات من جانب الحكومة.

وخلال الاحتجاجات والتي بلغت ذروتها نهاية الشهر الماضي، أغلقت الجرارات الزراعية شوارع رئيسة في باريس، فيما ألقى مزارعون فضلات الحيوانات وأسمدة كيماوية أمام مقار حكومية، بحسب ما أورده موقع “يورو نيوز”.

الاتحاد الأوروبي

لكن في دول مثل ألمانيا وإيطاليا وهولندا وبولندا وبلجيكا، فإن احتجاجات المزارعين تأخذ تصعيدا متزايداً، وسط استمرار حكومات هذه الدول في إغراق أسواقها بالسلع الزراعية الرخيصة، وفق بيانات صادرة عن نقابات المزارعين في تلك الدول.

فبعد أسابيع من الاحتجاجات في معظم أنحاء القارة، شهد التصعيد في العاصمة البلجيكية، الخميس الماضي، إغلاق الطرق بالجرارات وإحراق الإطارات.

بينما قام مزارعون من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا واليونان بإلقاء البيض على البرلمان الأوروبي، وإشعال النيران، حتى أنها أطاحت بتمثال جون كوكيريل، رجل الصناعة البريطاني في القرن التاسع عشر، وفق ما أوردته صحيفة “التايم” البريطانية.

وتستورد دول الاتحاد الأوروبي المحاصيل الزراعية من أوكرانيا، ودول في أمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا، بناء على اتفاقيات تجارية مشتركة.

هذه الواردات، بحسب المزارعين في دول الاتحاد الأوروبي، تخفض من هوامش أرباحهم، في وقت يعانون فيه من ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة الضغوط المعيشية الناتجة عن التضخم العالم.

وتتزامن هذه الاحتجاجات، مع خوض الاتحاد الأوروبي مفاوضات متقدمة بشأن اتفاقية “ميركوسور”، مع دول في أمريكا اللاتينية، لاستيراد حصص زراعية -منخفضة ضريبيا- من تلك البلدان.

والأربعاء الماضي، اقترحت المفوضية الأوروبية الحد من واردات أوكرانيا الزراعية من خلال تطبيق “مكابح الطوارئ” على المنتجات الأكثر حساسية – الدواجن والبيض والسكر – لكن المنتجين يقولون إن الواردات ستظل مرتفعة.

والأربعاء كذلك، استسلمت المفوضية الأوروبية لصالح المزارعين، بإلغاء قواعد الدعم الجديدة التي وضعتها خلال وقت سابق من العام الماضي، أبرزها ترك 4 بالمئة من الأراضي الزراعية بوراً.

في الوقت الحالي، يمثل قطاع الزراعة 11 بالمئة من انبعاثات الغازات الدفيئة في الاتحاد الأوروبي؛ ويأمل التكتل في الحد من ذلك من خلال تجديد سياسته الزراعية المشتركة، وهو نظام دعم سنوي تبلغ قيمته حوالي 60 مليار دولار.

وستتضمن السياسات الجديدة، التي تعد جزءا من الصفقة الخضراء الأوروبية التي تهدف إلى جعل الكتلة محايدة مناخيا بحلول عام 2050، التزامًا على المزارعين بتخصيص ما لا يقل عن 4 بالمئة من الأراضي الصالحة للزراعة لميزات غير إنتاجية، وهو ما تم التراجع عنه.

(الأناضول)

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل