كاينابريس – وكالات
مع تبقي نحو شهرين على موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يواصل مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، ومنافسته من الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، محاولة استقطاب أصوات المقترعين من بوابة الاقتصاد.
فالجانب المعيشي الاقتصادي يشكل للناخب الأمريكي أولوية قصوى في تحديد مرشحه بالانتخابات المقبلة، بعد قرابة 3 سنوات من التضخم المرتفع، والذي سجل في يونيو 2022 أعلى مستوى منذ 41 عاما.
لذلك، تتحول الانتخابات الأمريكية قبل شهرين من توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع، إلى ساحة صراع اقتصادي، وسط تعهدات من المتنافسين بإدارة سليمة للاقتصاد.
الاقتصاد: حلبة سباق
وبينما يواجه الناخبون الأمريكيون خيارات ليس بين سياسات مختلفة فقط بل وبين أهداف سياسية مختلفة، فإن الاقتصاد يعتبر حلبة السباق الرئيسة.
لم تفصّل نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، أجندتها الاقتصادية بالكامل بعد، لكن من المرجح أنها ستحافظ على المبادئ الأساسية لبرنامج الرئيس جو بايدن.
ويتضمن برنامج بايدن سياسات قوية للحفاظ على المنافسة على مستوى الاقتصاد العالمي، والحفاظ على البيئة، وخفض تكاليف المعيشة، والحفاظ على النمو، وتعزيز السيادة الاقتصادية الوطنية والمرونة، والتخفيف من حدة التفاوت.
على النقيض، فإن خصمها الرئيس السابق المرشح الحالي دونالد ترامب، ليس لديه أية مصلحة في خلق اقتصاد أكثر عدالة وقوة واستدامة.
تعريفات جمركية
بدلا من ذلك، يحاول ترامب فرض سطوة الاقتصاد الأمريكي على العالم ككل، من خلال فرض تعريفات جمركية جديدة تتجاوز 60 بالمئة على السلع الواردة من الصين.
ليس هذا فحسب، بل يتجه لخلق توترات مع الاتحاد الأوروبي، من خلال فرض تعريفات جمركية بنسبة تصل إلى 10 بالمئة على الواردات القادمة من القارة العجوز.
ويعتبر اقتراح ترامب لفرض تعريفات جمركية شاملة بنسبة 60 بالمئة أو أكثر، ممراً لعودة التضخم إلى جيوب المستهلكين الأمريكيين، الذين سيتحملون – وليس غيرهم – الزيادة على أسعار السلع.
يقول “بنك جي بي مورغان” إن حساباته تؤشر إلى أن فرضية تنفيذ التعريفات الجمركية التي اقترحها ترامب بالكامل قد تخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة بنسبة 0.3 بالمئة إلى 0.5 بالمئة عام 2025.
وأضاف في مذكرة بحثية صدرت نهاية: “نقدر أن التأثير الصافي للرسوم الجمركية وانخفاض أسعار الطاقة قد يؤدي إلى ارتفاع بنسبة 1.5 بالمئة إلى 2 بالمئة في مؤشر أسعار المستهلك”.
زيادة التضخم
فمن شأن رفع الضرائب على سلعة معينة أن يزيد الأسعار، ليس فقط بالنسبة للسلع المستوردة مباشرة من الصين، بل وأيضا بالنسبة للسلع الأخرى التي لا تعد ولا تحصى والتي تحتوي على مدخلات صينية.
وعليه، فإن الأميركيين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط سيتحملون العبء الأكبر من التكلفة؛ فضلا عن فرضية ارتفاع التضخم واضطرار البنك الفيدرالي الأميركي إلى رفع أسعار الفائدة.
وبناء على ما سبق سيتأثر الاقتصاد الأمريكي من ضربة ثلاثية متمثلة في تباطؤ النمو، وارتفاع التضخم، وارتفاع معدلات البطالة.
وبعد أن بلغ التضخم ذروة 41 عاما في يونيو 2022 عند مستوى 9.1 بالمئة، فإن ذلك أجبر الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة إلى 5.5 بالمئة وهو أعلى مستوى منذ 23 عاما.
وبسبب التشديد النقدي، فإن المخاوف اليوم من انزلاق الاقتصاد الأمريكي إلى الركود بحلول مطلع العام المقبل، في حال لم تظهر مؤشرات على تحفيز السوق من خلال هبوط أكبر بالتضخم، وخفض كبير في أسعار الفائدة.
إلا أن تعهدات ترامب الاقتصادية في برنامجه الانتخابي، تذكي المخاوف من أن جهود عامين ونصف للفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، قد تنسفها خطوات من البيت الأبيض بفرض تعريفات جمركية.
المسألة الأخرى الهامة، مرتبطة بموقف ترامب الذي تبنى موقفا يتمثل في تهديد استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو قد يكون أول تدخل في استقلالية قرار الفيدرالي منذ سبعينات القرن الماضي.
وحذرت بنوك استثمار عالمية أن أي تدخل في استقلالية الفيدرالي، تعني تدخلاً في أهم بنك مركزي عالمي يقود الدولار الذي يستحوذ على 80 بالمئة من التجارة العالمية، و66 بالمئة من المدفوعات عبر نظام التحويلات الدولية سويفت، و57 بالمئة من احتياطات صندوق النقد الدولي.