كاينابريس – متابعات
في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، تفاجأ عدد كبير من أساتذة التعليم العتيق بالمغرب، مع بداية شهر أبريل الجاري، بإنهاء مهامهم عبر البوابة الإلكترونية الرسمية، دون سابق إشعار أو توضيح رسمي من الجهات المعنية. وبلغ عدد المتضررين من هذا القرار المفاجئ 82 أستاذاً تم رصدهم مبدئياً داخل جهة فاس مكناس وحدها، فيما لا يزال العدد الإجمالي وطنياً غير معروف بدقة، في غياب أي توضيح رسمي من الوزارة.
الأساتذة عبّروا عن ذهولهم واستغرابهم الشديد من الطريقة التي تم بها إنهاء مهامهم، حيث لم تُقدّم لهم أي مبررات قانونية أو إدارية، ولم تُفتح أمامهم أي سبل للطعن أو التظلم، مما زاد من شعورهم بالحيف واللاعدالة.
وفي تطور لافت، أُدرِج في البوابة الرسمية أن سبب إنهاء المهام هو “الاستقالة”، وهو ما ينفيه المعنيون جملة وتفصيلاً، مؤكدين أنهم لم يقدموا أي طلب بهذا المعنى، ولم يسبق لهم التعبير عن رغبة في مغادرة مناصبهم. هذا التناقض زاد من حالة الغموض، وطرح علامات استفهام كبرى حول شفافية الإجراءات المتبعة ومدى قانونيتها.
كما شمل الإعفاء مسؤولين إداريين، من بينهم مديرون وحراس عامون، إلى جانب أساتذة قدامى أمضوا سنوات طويلة في خدمة التعليم الديني وتحفيظ القرآن الكريم، ما يُعدّ، حسب تعبيرهم، ضرباً لمبدأ الاستقرار المهني والمعنوي، وتجاهلاً تاماً لمسارهم التربوي وعطائهم الطويل.
وتحدث عدد من الأساتذة عن احتمال وجود خلفيات سياسية أو فكرية وراء هذا القرار، مشيرين إلى أن بعضهم سبق أن عبّر عن مواقف إنسانية متضامنة مع القضية الفلسطينية. كما رجّحت مصادر أخرى أن يكون الإعفاء مرتبطاً بانتماء بعض المعنيين بجمعيات وحركات إسلامية، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات جدية حول مدى احترام حرية الانتماء الجمعوي والفكري.
وفي ظل هذا الصمت الرسمي، طالب الأساتذة المعنيون بـ:
توضيح الأسباب الحقيقية لهذا القرار المفاجئ؛
فتح قنوات للتواصل وتوضيح الرؤية المستقبلية لمهنة التدريس في التعليم العتيق؛
حفظ كرامة ومكانة الأساتذة الذين أفنوا سنوات في خدمة القيم الدينية والوطنية.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح اليوم:
هل أصبحت حرية الانتماء الفكري أو التعبير عن مواقف إنسانية سبباً كافياً للإقصاء في صمت؟
وهل تتجه وزارة الأوقاف لإعادة النظر في هذا الملف الذي بات يمسّ أرزاق العشرات من رجال التعليم؟