كاينابريس – وكالات
خلال وقت سابق من الأسبوع الجاري، كسر الدين العام الأمريكي حاجز 34.6 تريليون دولار أمريكي، ما يشكل أكثر من 149 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأصبحت أرقام الدين العام البالغة حتى يوم الجمعة الماضي 34.62 تريليون دولار بحسب بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، مصدر قلق لصناع السياسة المالية والنقدية في الولايات المتحدة، بل وحتى البنوك المركزية حول العالم.
من إجمالي الدين العام، هناك ديون مباشرة على الحكومة الفيدرالية، تبلغ أكثر من 22 تريليون دولار، تشكل نسبتها قرابة 97 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، صعودا من 17 تريليون دولار بنهاية 2019 (قبل جائحة كورونا).
ويتزامن نمو الدين العام مع ارتفاع الجهود من دول حول العالم -خاصة دول الجنوب- لكبح أهمية الدولار في الاقتصاد العالمي وفي مدفوعات تلك الدول بصدارة الصين والبرازيل وروسيا والهند، على اعتبار أن نمو أرقام الدين لمستويات أكبر قد تؤثر على مكانة الدولار.
أرقام مقلقة
بتاريخ 2 أبريل الجاري، أصدرت مؤسسة بلومبرغ إيكونومكس، تقريرا قالت فيه إن النظرة المستقبلية لأرقام الدين العام الأمريكية مقلقة للغاية.
ووفقا لأحدث التوقعات الصادرة عن مكتب الميزانية بالكونغرس، فإن دين الحكومة الفيدرالية الأمريكية يسير على مسار من 97 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، إلى 116 بالمئة بحلول 2034.
وترتكز توقعات مكتب الميزانية في الكونغرس على افتراضات وردية.
تقول بلومبرغ إيكونومكس: “إذا استوعبنا وجهة نظر السوق الحالية بشأن أسعار الفائدة، فسترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 123 بالمئة في عام 2034”.
وزادت: “وإذا ظلت التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس السابق دونالد ترامب قائمة في الأساس، فإن العبء يصبح أعلى وصولا إلى 128 بالمئة”.
وتؤثر أسعار الفائدة المرتفعة على إجمالي قيمة الدين العام بما فيه الدين الفيدرالي، لأنه يزيد من قيمة الفوائد المفروضة على هذه القروض.
واليوم، تبلغ أسعار الفائدة التي يضعها الفيدرالي الأمريكي 5.5 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2001، إلا أن رئيس الفيدرالي جيروم باول ألمح في أكثر من مناسبة، آخرها الأربعاء، أن الفيدرالي سيبدأ خفض أسعار الفائدة بحلول النصف الثاني 2024.
وفي ظل عدم اليقين بشأن العديد من المتغيرات، أجرت بلومبرغ إيكونوميكس مليون عملية محاكاة لتقييم مدى هشاشة توقعات الديون الأمريكية خلال الفترة المقبلة.
وفي 88 بالمئة من عمليات المحاكاة المليون، أظهرت النتائج أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تسير على مسار غير مستدام، ويشكل خطرا على الاقتصاد الأمريكي وعلى الدولار.
في مايو 2023، اندلعت أزمة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول رفع سقف الدين الأمريكي، الذي كان يبلغ قرابة 31 تريليون دولار، حينها حذرت وزارة الخزانة الأمريكية من أن خطر الديون الأمريكية، “سيحدث أزمات لا نستطيع توقع نتائجها”.
كان الديمقراطيون يريديون رفع سقف الدين للحصول على الأموال، وهو أمر يحتاج موافقة الكونغرس بأغلبيته من الجمهوريين، وهو ما تم بعد سجال طويل أثر على الدولار وأسواق المال.
ويتمثل الخطر الأكبر الذي يهدد مكانة الدولار، بارتفاع الديون الأمريكية وعجز الحكومة الفيدرالية عن السداد، وعجز آخر عن الاستمرار في الاستدانة.
الدولار قوي ولكن
تظهر بيانات صندوق النقد الدولي، أن حصة الدولار من إجمالي الاحتياطات الدولية لدى الصندوق، تبلغ قرابة 57 بالمئة من الإجمالي، لكنها أدنى نسبة منذ قرابة 5 عقود، وسط تراجع حصته التي كانت تصل إلى 72 بالمئة.
بينما النسبة المتبقية، موزعة على عملات رئيسة أخرى، مثل اليورو الأوروبي والين الياباني واليوان الصيني والجنيه الإسترليني، والفرنك السويسري.
واليوم يشهد الدولار الأمريكي قوة أمام باقي العملات الأخرى، الأمر الذي يثير حفيظة محافظي البنوك المركزية والحكومات في مختلف أنحاء العالم، ويجبرهم على التحرك لتخفيف الضغوط المفروضة على عملاتهم.
فمن طوكيو إلى أمريكا اللاتينية مرورا بالاتحاد الأوروبي وإفريقيا، يتدخل صناع السياسات للدفاع عن أسعار الصرف بالقول والفعل، في حين يحاول الفيدرالي الحفاظ على قوة الدولار.
ووفق بيانات بنك التسويات الدولي، ارتفع الدولار مقابل كل العملات الرئيسية تقريبا في 2024، متحديا الكثيرين في وول ستريت، الذين دخلوا العام متوقعين حدوث عمليات بيع للدولار.
إلا أن هذه القوة، تعتبر في غير صالح الولايات المتحدة، وبالتحديد في جزئية الصادرات، فالعملة القوية تقلل من تنافسية صادرات الدولة لصالح دول أخرى.
لذلك، تكشف بيانات وزارة التجارة الأمريكية أن الولايات المتحدة منذ أكثر من 50 عاما، تشهد عجزا في ميزانها التجاري، رغم قوة صادرتها، إلا أن الدولار القوي يقلل من تنافسية الصادرات.