كاينابريس – أحمد اوروجان
شهد أولمبياد عاصمة الأنوار بروز أقدام المنتخب المغربي الأولمبي، وشهدت المباراة الأخيرة لأشبال طارق السكتيوي تفوقاً مذهلاً أمام منتخب الفراعنة، ظهرت فيها النجاعة الهجومية، التي أثمرت ستة أهداف لصفر.
ووسط هذا الإنجاز، تعالت أصوات الجماهير المشجعة للمنتخب الوطني، مستنكرة ظهور مدرب المنتخب الوطني للكبار وليد الركراكي في كل مرة، سواء مع اللاعبين، أو حين ينتشر مقطع له من المدرجات وهو يشير بيديه إلى اللاعبين، واعتبرت الجماهير أن هذا تدخل في شؤون الناخب الوطني طارق السكتيوي، لأن هذا المدرب الوطني له عقد مع الجامعة وله أهداف معها وهو المسؤول عن المنتخب الأولمبي ولا يحق لشخص آخر أن يتدخل في الناخب الوطني وفي ما يفعل، هو مسؤول إن حقق الأهداف المسطرة فهذا هو المراد، وإن لم يستطع، يقال وتأتي الجامعة بمن يحقق الأهداف المرجوة.
طبعا هناك أصوات أخرى تقول بوجود فرق ظاهر بين المدربَين، فواحد نهجه دفاعي محض، والثاني نهجه هجومي ظاهر، والدليل فوزه بسداسية على الفراعنة في مباراة الخميس الماضي، ولعل هذا القول منصف، وفيه تقدير للناخب الوطني طارق السكتيوي، الذي جاء بعد رحيل عصام الشرعي، الذي فاز بكأس إفريقيا وأهل المنتخب الوطني إلى الأولمبياد.
عصام كانت خططه رغم فوزه تصيب المتابع والمشاهد الشغوف بهذه الرياضة بالملل، ويرتفع ضغطه ويتابع المباراة ويده على قلبه، الشيء الذي لم يكن مع طارق، فقد تابعت الجماهير المغربية مباريات قوية مع منتخبات عالمية، بأداء لافت وممتع للجماهير.
وأنا أكتب عن هذا الإنجاز، ونحن في يوم الجمعة، وقع في خاطري ما يحدث مع أسود المنابر، خطباء المساجد، فكما أن المدرب الذي حُددت له الأهداف، لا يمكن أن ترغم عليه الخطة التي يلعب بها، كذلك الخطيب الذي حددت له القواعد والأهداف في دليل الواعظ والخطيب، ليس من المعقول أن تعطيه خطبة الجمعة وتلزمه بها، إذ بهذه الخطوة نصبح كالجماهير التي كانت تتابع المنتخب زمن وحيد أو زمن عصام، تتابع وأنت على أعصابك، تتابع خطبة بلا أداء، كما قيل للناخب الوطني وليد الركراكي في سؤال صحفي: “نريد الأداء فلا بد للمتابع من أداء جميل، يشده ويجعله يتابع بانتباه”.
هذا الشكل من المتابعة للخطيب افتقدناه بعدما مُنح الخطيب خطبة لم يبذل فيها جهدا، فيقف على المنبر يسرد ما ورد في النص، ببرود كبرود بعض المعلقين الرياضيين في قنواتنا، فتجد المصلي جالسا في شرود، يعد سواري المسجد والمراوح التي تشتغل من غيرها، وهكذا إلى أن يخرجه من شروده تأمين من بجانبه على دعاء الإمام في ختام الجمعة، وقد يسهو البعض أكثر على حسب سرد الخطيب وقراءته في الصلاة، فلا يستيقظ حتى يسمع سلام الإمام، فكأنها صافرة نهاية المباراة.
وإذا سارت الأمور على هذا النحو، ضاعت أهداف الخطبة من نشر للوعي وتبصير للمجتمع بعيوبه، وبذلك فجانب مهم من نهضة البلاد، جانب الوعي والنهضة الفكرية، لن يواكب النهضة التي تشهدها البلاد في الجانب الرياضي، ونحن بحاجة إلى الوعي في نهضة بلادنا في كل المجالات.
وكما رفضت الجماهير تدخل ناخب وطني في شؤون ناخب آخر، فالخطيب أيضا يعرف محيطه، ويعرف ما يقدمه من وعي لمحيطه حسب منطقته، هذا الخطيب يحترم ويقدس هذه المكانة (مكانة الخطيب)، ويرفض أن يقف ساردا لما ورده بدون روح وبدون إحساس، لأنه سيقدم أداء باهتا يرفضه المتلقي كما رفضت الجماهير أداء المنتخب زمن وحيد وزمن عصام الشرعي.
نحن أمة أمجاد، ونصنع التاريخ، وسنظل نصنع في الرياضة وفي الوعي وفي كل شيء.
هذا ما جال في الخاطر بكل روح رياضية.