كاينابريس – وكالات
لم يتوانَ الطبيب الفلسطيني البارز والشهيد عدنان البرش (50 عاما)، عن تقديم الخدمة الطبية للمصابين في غزة، رغم ما شهده القطاع من قصف مدمر منذ بداية الحرب الإسرائيلية قبل أكثر من نصف عام.
البرش، أشهر جراحي العظام في غزة، استشهد في سجون إسرائيل بعد أشهر من اعتقاله أثناء مزاولة عمله بأحد مستشفيات القطاع.
والخميس، أعلن نادي الأسير الفلسطيني وفاة الطبيب عدنان أحمد عطية البرش، من سكان مدينة جباليا شمالي قطاع غزة، في سجون إسرائيل.
وأوضح النادي، أن البرش، استشاري ورئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء بغزة، اعتقل في ديسمبر 2023، أثناء عمله في مستشفى العودة إلى جانب مجموعة أطباء.
غزة أولا
حصل البرش، على الزمالة البريطانية في جراحة الكسور المعقدة في لندن، بعد تخرجه من الجامعة الأردنية في عمّان عام 2009، كما حصل على البورد الأردني والعربي.
وبعد تخرجه، رفض البرش، العمل في مستشفيات خارج غزة، بل تمسّك بوطنه وعاد إليه، لتقديم خدماته ومساهماته في تطوير البنية الصحية في القطاع، في ظل ما شهده من حروب متتالية.
وبينما كان يواجه تحديات وظروفا قاسية في ظل الاحتلال الإسرائيلي، بقي الجراح البرش، ملتزما بواجبه الإنساني والمهني، متحدثا بصوت الضمير والإنسانية، لتترك وفاته إرثا مخلدا في خدمة الطب والإنسانية في قطاع غزة وخارجه.
خدمات مجانية
ياسمين البرش، زوجة الطبيب الفلسطيني، قالت لوكالة الأناضول: “زوجي، بعد تخرجه، جاء ليتفرغ لخدمة المرضى الجرحى ويبدع في إجراء العمليات لهم، رغم نقص الإمكانيات الطبية في قطاع غزة”.
وأضافت: “كان همّ زوجي إنقاذ المرضى والجرحى، وكان يجري عمليات في العظام لذوي الحالات الإنسانية بشكل مجاني”.
وأوضحت ياسمين، أنه في اللحظات الأولى من الحرب، استيقظ زوجها على صوت الصواريخ، وتوجه على الفور إلى المستشفى لإنقاذ الجرحى دون أي تفكير، حيث كان يعمل لساعات طويلة دون توقف.
حصار واعتقال
وبعد اقتراب الجيش الإسرائيلي من مستشفى الشفاء بمدينة غزة، قالت زوجة الطبيب البرش، إنه طلب منها ومن أولادهما مغادرة المنطقة، بينما بقي يعالج المصابين”.
وأضافت: “تم محاصرته بالمستشفى لأسبوع، ثم أمره الجيش مع بقية سكان المنطقة بالتوجه جنوبا”.
لم يرضخ البرش لأوامر الجيش الإسرائيلي بالتوجه جنوبا، بل بقي في شمال القطاع وتوجه نحو المستشفى الإندونيسي الذي استهدفه الجيش لاحقا، حيث كان البرش في غرفة العمليات، لكنه نجا، بينما قتل مصابان اثنان.
وأضافت ياسمين: “بعد محاصرة المستشفى الإندونيسي، ذهب زوجي إلى مستشفى العودة شمالي القطاع، وبقي هناك لخدمة المرضى، لكن بعد أيام تم محاصرة المستشفى، واعتقاله في 17 ديسمبر”.
تعرض البرش خلال فترة الاعتقال للتعذيب والضرب، وتم نقله لأكثر من سجن، حتى استشهد في 19 أبريل الماضي.
ونفت زوجة الطبيب أن يكون لزوجها أي علاقة بأعمال عسكرية، مؤكدة أنه “طبيب يعالج المرضى الأبرياء”.
وطالبت ياسمين، المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في مقتل زوجها والتعذيب الذي يتعرض له الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية.
ودعت إلى تسهيل استلام جثمان زوجها، لتُلقي عليه النظرة الأخيرة، ودفنه في شمال قطاع غزة.
طبيب الفقراء
بدوره، قال عوني البرش، شقيق الطبيب: “تأثر الجميع باستشهاد الدكتور عدنان الذي كان يعالج الجميع، فقيراً وغنياً، ويداوي جميع أفراد شعبه”.
وأضاف: “شقيقي تعرض لتعذيب كبير داخل سجون إسرائيل، وقتل بدم بارد داخل المعتقلات”.
وتابع: “تم اعتقال شقيقي وهو على رأس عمله، طبيبا يحظى بالاحترام والثقة. ورغم محاصرته بالعديد من المستشفيات خلال التوغل البري الإسرائيلي للقطاع، لم يتوقف عدنان عن مزاولة عمله وممارسته بكل مهنية”.
وباستشهاد عدنان البرش، ارتفعت حصيلة الضحايا من الكوادر الطبية في غزة إلى 496 منذ 7 أكتوبر الماضي، وفق بيان وزارة الصحة الفلسطينية.
ومنذ اجتياحه القطاع بريا في 27 أكتوبر الماضي، اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي آلاف الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال وعاملون في الطواقم الصحية والدفاع المدني، أفرج لاحقا عن عدد ضئيل منهم، في حين لا يزال مصير الآخرين مجهولا.
ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، ما استدعى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى إبادة جماعية.