كاينابريس – أحمد اوروجان
قبل سنوات، كان وحيد خاليلوزيتش مدرباً للمنتخب الوطني المغربي، وكان لا يستقر على تشكيل واحد، وفي كل مرة يأتي بوجوة جديدة.
وبعد مدة يسيرة من توليه قيادة المنتخب، طرد لاعبين مهمين في لائحة المنتخب الوطني، على الرغم من علو كعبهم وبروزهم بشكل لافت رفقة أنديتهم، الشيء الذي جعل المتابعين للمجال الرياضي يستنكرون عناد المدرب، بل ذهب البعض إلى وصفه بأنه ليس مدرباً أصلا، إذ يرى العاقل في هذا المجال أنه، وفي جميع الأحوال، يجب أن تستدعي للمنتخب كل من برز في ناديه وتفوق على الآخرين بأدائه.
وفي كل مباراة كيفما كانت ودية أم رسمية تتعالى الأصوات بإزالة هذا المدرب العقيم فكريا، يقصدون فكره في كرة القدم.
وبعد أن وصل المنتخب الوطني إلى بطولة كأس العالم بقيادة وحيد، الذي لم يكن له من اسمه نصيب، قرر المسؤولون في الجامعة إقالة وحيد، والإتيان بربان جديد، فاختارت الجامعة ابن البلد، واستبدلت الحاء لاما، فذهب وحيد وجاء وليد.
وليد، وفور وصوله اختار توحيد الصفوف، وإعادة المطرودين، وجمع شتات الكلمة، وزرع روح الجماعة وحب الوطن في النفوس، وكانت له كلمة اشتهرت قبل كأس العالم، وهي النية.
فوحد الصفوف، وعقد العزم على تحقيق ما لم يتحقق من قبل، وجعل النية واحدة، وطلب من الجمهور أن تكون له نفس النية.
وفعلاً كان هذا المنتخب الذي ضم لاعبين من الدار البيضاء، ومن الريف، ومن الصحراء الشرقية، ومن وسط المغرب، منتخبا عالمياً، انبهر به كل المتتبعين، وبعد كل مباراة يشاهد المتابع سجدة يسجدها اللاعبون شكرا لله.
فكانت النية الصادقة والتوحيد بين هؤلاء اللاعبين القادمين من بلدان مختلفة ويتحدثون بلغات مختلفة، وأصولهم في المغرب مختلفة، تلك النية وذلك التوحيد، قادهم إلى تحقيق نتيجة لم يحققها غيرهم من العرب والأفارقة، والقصة بأكملها لا شك عندي أنك تعلمها وشاهد عليها أيها القارئ الكريم.
وبعد هذا دعني أعود بك إلى الوراء قليلا، إلى ما قبل الإسلام، إلى قريش، وبني كنانة، ولخم وجذام وطيء وبني بكر، وخزاعة وغيرها من القبائل التي كانت تتنازع في ما بينها، وكانت هناك حروب تدوم لسنوات، كحرب البسوس، والحرب بين الأوس والخزرج، نزاعات وحروب، لأسباب مختلفة، كالسيطرة على الثروات أو الانتقام.
إلى أن أرسل الله سبحانه محمد بن عبد الله القرشي صلى الله عليه وسلم، فبدأ بتوحيد الصفوف، وإزالة الفكر القبلي، أو الاعتزاز بالقبيلة أو بالعروبة، وجعل الناس سواسية، فكان مما أوحاه الله إليه: {إنما المؤمنون إخوة}، وقال عليه الصلاة والسلام: «المؤمن أخ المؤمن».
فكان القرشي أخ الخزاعي، وهما إخوة الأوسي، وهم إخوة الحبشي والفارسي، لا فرق بينهم أبدا، وبهذا التوحيد وهذه الأخوة حقق المسلمون في عشر سنوات ما لا يمكن تحقيقه الآن في مئة سنة، وتفوقوا على أقوى الدول آنذاك.
لم يكن الإسلام فقط شيئا خاصا بالروحانيات، بل الإسلام دين جامع، ويخدم كل شيء في المجتمع، على جميع المستويات.
وهنا دعنا نعد إلى واقعنا، وبعد أن ظهر في الساحة بعض عباد الخالق سبحانه، الذين يقولون إنهم بحثوا في جينات المغاربة، ووجدوا أن المغاربة أصلهم بعيد عن أصول العرب، وأننا يجب أن لا نقبل بتسمية العرب، وأننا أمازيغ وأن الأمازيغية أم اللغات… وغيرها من الأشياء التي تحث على التعصب للأمازيغية، أنا متفق على أصولنا، وأن الإنسان يحب أصله وبلده، لكن ما الغاية من التعصب للأمازيغية، وذم العرب؟ وما الغاية من التعصب للعروبة وذم الأمازيغ؟
في نظري القاصر لم أر غاية لذلك إلا الفرقة والشتات.
ولهذا يجب على العاقل أن يتأمل مآل الأشياء، وينظر في العواقب والنتائج، فسيد الخلق ساوى بين الناس عربا وعجما، ووحد اللغة والكلمة ووحد القلوب، ولم يكن الاعتزاز إلا بالإسلام، وسمى من يعتز بغير ذلك رجوعا إلى الجاهلية قبل الإسلام.
وبما ذكرناه في التمهيد أول المقال، يتضح لنا أن توحيد الكلمة والنية مع وليد الركراكي، أعطانا المركز الرابع في العالم.
وأما من أراد الفرقة فسيعيدنا إلى ما قبل البورغواطيين، إذًا فكل مسلم عاقل سيعتز بإسلامه ويحب أصله ووطنه، وينبذ الفرقة والشتات والاعتزاز بالقبيلة أو غيرها.
سأقف هنا لأسأل السؤال الذي افتتحت به المقال: هل أنت مع من يوحد الكلمة والصفوف، أم مع غيره؟