كاينابريس – متابعات
أزاحت منصة إيكاد للتحقيقات الستار عن معلومات مهمة، تؤكد ضلوع الجيش والمخابرات البريطانيين في دعم عدوان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة.
وقالت المنصة إن بريطانيا نشرت سرًا قوات عسكرية، ونفذت رحلات استطلاع مُريبة لدعم الاحتلال من أحد أهم قواعدها الخارجية شرق البحر الأبيض المتوسط، كما كشفت مؤشرات على شراكة أمريكية في هذه العمليات.
وأضافت “إيكاد” أنه في 20 نوفمبر الماضي أعلنت الحكومة البريطانية نشر 1000 جندي في شرق المتوسط لدعم كيان الاحتلال الإسرائيلي، لكنها لم تكشف عن كيفية توزيع هذه القوات في المنطقة.
بعدها ذكر موقع Declassified UK الاستقصائي في 12 ديسمبر أن لندن نشرت “سرًّا” 500 جندي إضافي في قواعدها بقبرص، بعد بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، وتساءل عضو البرلمان البريطاني “كيني ماكسل” عن الهدف من تلك الزيادة في عدد القوات، في ظل التمركز الكبير بالفعل للقوات البريطانية هناك. ودعا إلى المساءلة حول ما يحدث أساسًا في القواعد البريطانية في قبرص، والدور الذي تلعبه في القصف الإسرائيلي “الإجرامي” على غزة، حسب وصفه.
وبناء على تلك الأخبار، تقول منصة إيكاد إنها شرعت في البحث عن القواعد البريطانية في قبرص، والدور الذي تلعبه في توفير الدعم للاحتلال، مؤكدة أنها خلصت بعد التحقيق إلى ما يلي:
“وجدنا أن لندن تمتلك قاعدتين في جزيرة قبرص:
الأولى اسمها “دكليا” في شرق الجزيرة، والأخرى وهي الأهم تقع غرب الجزيرة وتسمى “أكروتيري”، والتي تبعُد 180 ميلًا من تل أبيب (أي 40 دقيقة بالطائرة).
تتبعنا بعد ذلك الرحلات البريطانية العسكرية منذ 7 أكتوبر، المتوجهة إلى قاعدة “أكروتيري” الأقرب إلى تل أبيب، وهنا بدأنا نمسك طرف الخيط..
بتحليل برامج الملاحة رصدنا جسرًا جويًا مكثفًا خلال الفترة من 7 أكتوبر وحتى 12 ديسمبر.
الجسر مكون من 29 رحلة جوية انطلقت من المطارات البريطانية إلى جزيرة قبرص، وجميع الرحلات قامت بها طائرات من طراز A400m ATLAS.
لماذا هذه الطائرة بالتحديد وما دلالة ذلك؟
بحثنا عن طائرة A400m ATLAS التي اعتمد عليها الجسر الجوي.
وجدنا أنها أكثر طائرات النقل الجوي تقدمًا وثباتًا، حسب الشركة المصنعة Airbus، وتجمع أحدث التقنيات لتلبية احتياجات القوات المسلحة، وقادرة على نقل البضائع والأسلحة والجنود، وكذلك الوقود.
كثافة الرحلات الأخيرة من مطار القاعدة الجوية العسكرية “بريز نورتون” التي تُعد أكبر قاعدة جوية لسلاح الجو الملكي البريطاني وتوجهها إلى قاعدة أكروتيري البريطانية في قبرص، واعتمادها على طائرة نقل متقدمة، يُرجح أن جزءًا منها كان لإيصال الـ500 جندي الذي أُعلن عن إرسالهم لقبرص مؤخرًا، بجانب إرسال التعزيزات العسكرية.
هنا أصبح لدينا طرفا خيط، الأول هو الكشف عن إرسال بريطانيا جنودًا وعتادًا إلى قبرص، والثاني رصد إيكاد لطائرات نقل متطورة كانت تتحرك تباعًا بين بريطانيا وقاعدة أكروتيري.
فما هو طرف الخيط الثالث الذي يشير إلى دعم إسرائيل في حربها؟
بمزيد من التتبع والتحليل وجدنا أن منصة Declassified رصدت أكثر من 30 رحلة نقل عسكرية، انطلقت من قاعدة سلاح الجو الملكي في أكروتيري إلى تل أبيب منذ بدء قصف غزة.
وبتحليل مجمل أشكال الدعم العسكري الذي قدمته لندن إلى الاحتلال، وجدنا أنه ومنذ 7 أكتوبر وضعت طائرات P8، وأصول مراقبة، ومروحيات Merlin لتقديم الدعم لإسرائيل والشركاء في المنطقة.
كما أعلن وزير القوات المسلحة البريطاني “جيمس هيبي” في 2 ديسمبر أن بريطانيا ستنفذ طلعات جوية استطلاعية فوق قطاع غزة، للمساعدة في تحديد أماكن الرهائن.
وبتتبع بيانات الملاحة على موقع Flight Radar 24 وجدنا أن طائرة مراقبة واستطلاع بريطانية من طراز Shadow R1 قامت بعدة رحلات من قاعدة أكروتيري في قبرص في ديسمبر الجاري. وكانت تقترب من سواحل غزة ثم تخفي إشارتها وتغيب لعدة ساعات لتعاود الظهور خلال عودتها لقبرص.
هذه الرحلات الاستطلاعية أثارت قلق عضو البرلمان البريطاني “ليلى موران”، التي صرحت في 8 ديسمبر 2023، أنها تظهر وكأنها رحلات لمساعدة الإسرائيليين فقط، وأنها ربما تجعل لندن متواطئة بشكل ما في حرب غزة.
ورغم الدعم كله ظل طرف خيط مجهولًا وتحيطه لندن بالسرية، وهذا اللغز يتعلق بالقوات الخاصة البريطانية SAS، التي تعمل بالكامل خارج نطاق الرقابة والمساءلة.
وذكرت صحيفة The Sun البريطانية في 27 أكتوبر أنهم كانوا على “أهبة الاستعداد” في قبرص لإنقاذ الرهائن البريطانيين الذين تحتجزهم حماس، والبريطانيين المحاصرين في غزة.
تلك القوات (SAS) وما تقوم به من أنشطة طلبت لجنة “D-Notice” التابعة للجيش البريطاني، من جميع محرري وسائل الإعلام في 28 أكتوبر عدم نشر أي معلومات تتعلق بعملياتهم في غزة.
ويرفض الجيش البريطاني تأكيد أو نفي ما إذا كانت SAS موجودة بالفعل في غزة منذ 7 أكتوبر أم لا.
واللافت هنا أن دور القواعد البريطانية في قبرص، لا سيما قاعدة أكروتيري، لم يقتصر استخدامها على القوات البريطانية فقط لدعم إسرائيل، بل إن هناك حليفًا آخر قدم عمليات دعم من خلالها.
فمن هو هذا الحليف؟
بتحليل الخبر الذي نشرته منصة Declassified الاستقصائية وجدنا أنها أشارت إلى استخدام واشنطن لقاعدة أكروتيري البريطانية لنقل الأسلحة إلى إسرائيل. ونقلت المنصة عن صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أنها رصدت أكثر من 40 طائرة نقل أمريكية وصلت إلى “أكروتيري” محملة بالمعدات والأسلحة والقوات.
وحسب ما ذكره موقع Declassified تملك واشنطن قاعدة داخلية على الأراضي البريطانية في قبرص منذ ما يقرب من نصف قرن، وبناءً على وثائق سرية اطّلع عليها الموقع فمن المخطط أن يصل عدد الطيارين الأمريكيين بقبرص إلى 129 في 2024.
وتحوم الشكوك حول ما إذا نشرت أمريكا جنودًا إضافيين في القواعد البريطانية في قبرص للمساعدة في دعم القصف الإسرائيلي على غزة، خاصة وأن لندن ترفض نشر أي معلومات حول الأنشطة الأمريكية على قواعدها في قبرص.
ورغم كثافة الرحلات البريطانية والأمريكية التي كشفتها برامج الملاحة إلى قاعدة أكروتيري والرحلات الخارجة منها إلى تل أبيب، إلا أن قُبرص تنصلت من الاعتراف بهذه الرحلات. وهو ما أكده المتحدث باسم الحكومة القبرصية كونستانتينوس ليتيمبيوتيس في 11 نوفمبر.
كما أن الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس سئُل في مؤتمر صحفي في 18 نوفمبر عن الشحنات الأمريكية الخارجة من قاعدة أكروتيري إلى إسرائيل، وأجاب بأنه لا توجد مثل هذه المعلومات، ولا يمكن استخدام بلاده كقاعدة للعمليات الحربية”.
يذكر أن جيش الاحتلال الصهيوني يشن منذ 7 أكتوبر الماضي حربا ضارية على قطاع غزة، خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وتتلقى تل أبيب في عدوانها دعما عسكريا وسياسيا قويا من عدة دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.